للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكني لم أجد في شعره ما يشير إلى تنصره، فلعله أدخله في النصرانية، لما عرف عن انتشارها بين إياد، وهو "أبو دؤاد جارية بن الحجاج"، ويقال: "جويرية بن الحجاج بن يحمر بن عصام بن منبّه بن حذافة بن زهر بن إياد بن نزار بن معد"، وقيل: "حنظلة بن الشرقي" شاعر قديم من شعراء الجاهلية، وكان وصّافا للخيل، وأكثر أشعاره في وصفها. ذكر أهل الأخبار أن "ثلاثة كانوا يصفون الخيل لا يقاربهم أحد: طفيل، وأبو دؤاد، والنابغة الجعدي. فأما أبو دؤاد، فإنه كان على خيل المنذر بن النعمان بن المنذر، وأما طفيل فإنه كان يركبها، وأما الجعدي فإنه سمع من الشعراء فأخذ عنهم". وقال "أبو عبيدة": "أبو دؤاد أوصف الناس للفرس في الجاهلية والإسلام، وبعده طفيل الغنوي والنابغة الجعدي"١. وله شعر في المدح والفخر، لكن شعره في الخيل أكثر٢. ومما يلفت النظر، أن يكون أكثر شعر أبي دؤاد في وصف الخيل، ثم يكون مدحه لقومه بأنهم "أهل البغال". حيث ورد في شعر هو:

نشدتكم بالله يا أهل البلد ... هل سابق فيكم لمجد من أحد

إلا إياد بن نزار بن معد ... أهل البغال والقباب والعدد

ما سامهم في الدهر ملك بعقد٣

وإني أشك في هذاالشعر، فأسلوبه لا يدل على أنه من أساليب شعراء الجاهلية، ولا سيما الشطر الأول من البيت الأول، ثم إن هذا النسب المسطور في الشطر الأول من البيت الثاني، هو نسب ظهر في الإسلام، وعرف في أيام الأمويين.

وذكر أن "الحجاج" كان معروفا بـ "حمران". ولذلك قيل لأبي دؤاد: "جارية بن حمران". وقيل له: "حارثة بن الحجاج"، كماقيل له: "جريرة"، و"حوثرة"، ويظهر أن مصدر هذا الاختلاف هو وقوع النساخ في أخطاء في أثناء تدوين الأسم، فاختلط الأمر عليهم بين "جارية" و "حارثة".


١ السيوطي، شرح شواهد "١/ ٣٥٩"، تاج العروس "٢/ ٣٤٧"، "داد"، الأغاني "١٥/ ٩١"، الخزانة "٤/ ١٩٠"، المؤتلف والمختلف "١١٥"، الموشح "٧٣"، الأغاني "١٦/ ٩١ وما بعدها"، "ساسي"، الشعر والشعراء "١/ ١٦١ وما بعدها"، العيني "٢/ ٣٩١".
٢ الأغاني "١٥/ ٩٥"، غرونباوم "٢٦٢".
٣ غرونباوم "٣٠٢"، وهو من الرجز، منقول من جمهرة ابن الكلبي، الورقة أ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>