ولأهل الأخبار قصص عن جود حاتم وكرمه، ويبدأون به غلاما، يرعى إبل والده، فمر به "عبيد الأبرص"، و "بشر بن أبي خازم"، و "النابغة الذبياني"، وهم يريدون "النعمان" فنحر لهم ثلاثة من الإبل، وهو لا يعرفهم، ثم سألهم عن أسمائهم، فتسموا له، ففرق فيهم الإبل كلها، وبلغ أباه ما فعل، فاعتزله. ثم يروون أنه ذبح فرسه، لما جاءته جارة له، فشوى لحمها لها ولأولادها الجياع، ثم استدعى بقية جيرانه فأطعمهم، وبقي هو وأهله جياعا، ولم يكن لديه آنذاك غير فرسه هذه. ثم يروون قصصا آخر مشابها، يمتد إلى ما بعد وفاته، حيث يذكرون قصة رجل اسمه "أبو خيبري"، ذكروا أنه مر بقبر "حاتم"، وأخذ يناديه:"يا أبا عدي اقر أضيافك! فلما كان في السحر وثب أبو خيبري يصيح: وا رحلتاه! فقال له أصحابه: ما شأنك؟ فقال: خرج والله حاتم بالسيف حتى عقر ناقتي وأنا أنظر إليه، فنظروا إلى راحلته فإذا هي لا تنبعث، فقالوا: قد والله قراك، فنحروها وظلوا يأكلون من لحمها، ثم أردفوه وانطلقوا، فبينا هم كذلك في مسيرهم، طلع عليهم "عدي بن حاتم" ومعه جمل أسود قد قرنه ببعيره، فقال: إن حاتما جاءني في المنام فذكر لي شتمك إياه، وإنه قراك وأصحابك راحلتك، وقد قال في ذلك أبياتا، ورددها عليّ حتى حفظتها:
أبا خييبريّ وأنت امرؤ ... حسود العشيرة لوامها
فماذا أردت إلى رمة ... بداوية صخب هامها
تُبغّي أذاها وإعسارها ... وحولك عوف وأنعامها
وأمرني بدفع جمل مكانها إليك، فخذه، فأخذه١.
ولأهل الأخبار قصة في كيفية تزوج "حاتم" "ماوية بنت عفزر"، وكيف وجد عندها "النابغة"، ورجلا من النبيت، يريدان الزواج منها، لما وصل إليها، وكيف امتحنتهم بقولها لهم: انقلبوا إلى رحالكم، وليقل كل رجل منكم شعرا يذكر فيه فعاله ومنصبه فإني متزوجة أكرمكم وأشعركم، ثم تذكر القصة تفصيل ما وقع بأسلوب منمق مقرونا بشعر وقرار "ماوية" بتفضيل حاتم
١ الشعر والشعراء "١/ ١٧٠"، الخزانة "١/ ٤٩٤ وما بعدها"، "بولاق"، المحاسن والأضداد "٤١ وما بعدها".