للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهما١. وتذكر قصة أخرى أن "ماوية" كانت ابنة من بنات ملوك اليمن، وكانت ذات جمال وكمال ومال، فآلت ألا تزوج نفسها إلا من كرام الناس، فقدم عليها حاتم، وزيد الخيل، وأوس بن حارثة لأم، فتقدم كل واحد يخطبها، فقالت ليصف كل واحد منكم نفسه في شعره، فلما أنشدوا فضلت "حاتم" الطائي عليهما. فزوجت نفسها منه. وذكر أن "معاوية" كان يهوى حديث "ماوية"٢.

وهم يذكرون أن جود "حاتم" جاء إليه من أمه "عنبة"، التي كانت سخية إلى حد الإسراف، حتى حبسها إخوتها سنة في بيت لعلها تكف عما كانت عليه، إذا ذاقت طعم البؤس وعرفت فضل الغنى، ثم أخرجوها ودفعوا إليها صرمة من مالها، فأتتها امرأة فسألتها، فقالت لها: دونك الصرمة، فقد والله مسني الجوع ما آليت معه ألا أمنع الدهر سائلا شيئا! ثم أنشأت تقول:

لعمري لقدما عضني الجوع عضة ... فآليت ألا أمنع الدهر جائعا

فقولا لهذا اللائمي الآن أعفني ... وإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا

ولا ما ترون اليوم إلا طبيعة ... فكيف بتركي يا ابن أم الطبائعا٣

ونسب لحاتم قوله:

وإني لأستحي حياء يسرني ... إذا اللؤم من بعض الرجال تطلعا

إذا كان أصحاب الإناء ثلاثة ... حييا ومسحيا وكلبا مجشعا

فإني لأستحيي أكيلي أن يرى ... مكان يدي من جانب الزاد أقرعا

أكف يدي من أن تمس أكفهم ... إذا نحن أهوينا وحاجتنا معا

وإنك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا٤


١ الشعر والشعراء "١/ ١٦٧ وما بعدها"، الخزانة "٢/ ١٦٤ وما بعدها"، "بولاق".
٢ الخزانة "٢/ ١٦٤ وما بعدها"، "بولاق".
٣ الشعر والشعراء "١/ ١٦٥ وما بعدها".
٤ البيان "٣/ ٣٠٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>