للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محدودة يمكن حصرها وإرجاعها إلى نسب واحد، على نحو ما نفهم من كنعانيين وفينيقيين، ثم إن الأعراب لم يكونوا ينتسبون إلى جد واحد ولا إلى أب معين؛ لذلك لم تدخلهم التوراة في عداد الشعوب.

وقد ذهبت جماعة من المستشرقين إلى أن العبرانيين هم قوم أصلهم من جزيرة العرب، هاجروا منها وارتحلوا عنها على طريقة الأعراب والقبائل المعروفة نحو الشمال, وجزيرة العرب لذلك هي الوطن الأم الذي ولد فيه العبرانيون. ودليلهم على ذلك هو الشبه الكبير بين حياة العبرانيين وحياة الأعراب، وأن ما ورد في التوراة وفي القصص الإسرائيلي عن حياة العبرانيين ينطبق على طريقة الحياة عند العرب أيضا، ثم إن أصول الديانة العبرانية القديمة وأسسها ترجع إلى أصول عربية قديمة. أضف إلى ذلك أن العرب والإسرائيليين ساميون، وجزيرة العرب هي مهد الجنس السامي، فالعبرانيون على رأيهم هم من جزيرة العرب، وهم جماعة من العرب إذًا إن صحت هذه التسمية، بطرت على أمها وعاقتها وهربت منها إلى الشمال١.

وإذا جارينا التوراة في قولها بالأنساب، نرى أن العرب والعبرانيين هم على رأيها من أصل واحد، هو سام بن نوح، ونرى أيضا أنها تعترف ضمنًا بقدم "اليقطانيين"، أي "القحطانيين على الإسرائيليين. فاليقطانيون هم أبناء يقطان بن عابر بن شالح بن أرفكشاد بن سام٢. وعلى ذلك فهم أقدم عهدًا من بني إسرائيل، وأعرق حضارة ومدنية منهم، ولا سيما إذا ما عرفنا أن كلمة "عبري" على رأي كثير من العلماء تعني التحول والتنقل، أي: البداوة٣، أي: إنهم كانوا بدوا أعرابا يتنقلون في البادية قبل مجيئهم إلى فلسطين واستقرارهم بها وتحضرهم، على حين كان القحطانيون متحضرين مستقرين أصحاب مدن وحضارة. كذلك جعلت التوراة الفرع العربي الآخر الذي وضعته في قائمة أبناء "كورش" أقدم عهدًا من الإسرائيليين٤.


١ Montgomery, Arabia Nielaen, Hadbuch der Altarabischen Altertumskunde, I. S. ٢٤١.
وسيكون رمزه: Handbuch
٢ التكوين, الإصحاح العاشر، الآية ٢٠ وما بعدها.
٣ إسرائيل ولفنسون، تأريخ اللغات السامية "ص٧٧ فما بعدها".
٤ التكوين، الإصحاح العاشر، الآية ٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>