للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كان العرب، بدوًا وحضرًا على اتصال بالعبرانيين، فأينما عاش العبرانيون عاشوا مع العرب. ولعل هذا الاتصال هو الذي حمل نسابيهم على عد العرب ذوي قربى لليهود، ومن ذوي رحمهم. وكان العرب حتى في أيام تكوين العبرانيين حكومة في فلسطين يؤثرون تأثيرًا خطيرًا في الوضع السياسي هناك, وقد كانوا يقطنون بكثرة في الأقسام الشرقية والجنوبية من فلسطين وفي طور سيناء وغزة١, بل وكانوا يقطنون في القدس كذلك.

ومن علماء التوراة من يرى أن "أيوب" صاحب السفر المسمى باسمه، أي "سفر أيوب" وهو من أسفار التوراة، هو رجل عربي، إذ كانت كل الدلائل الواردة في سفره تدل على أنه من العرب، فقد كان من أرض "عوص" "Uz". و"عوص" وإن اختلف العلماء في مكانها، فالراجح عندهم أنها في بلاد العرب في "نجد"، أو في بلاد الشام في "حوران"، أو في "اللجاة"، أو على حدود "إدوم" "Idumaea"، أو في العربية الغربية في شمال غربي "المدينة". ويرى بعضهم أنه كان يسكن في شرق فلسطين أو في جنوب شرقيها، أي في جزيرة العرب، أو في بادية الشام٢.

وسبب هذا الخلاف، هو أن التوراة لم تحدد مكان أرض "عوص"، فبينما نرى أن سفر "أيوب" يتحدث عن هجوم "أهل سبأ" على ملك "أيوب" واستياق بقر كانت له تحرث الأرض وأُتُن ترعى٣، مما يشعر أن أرض "أيوب" التي هي "عوص" كانت على مقربة من السبئيين. نرى هذا السفر يذكر بعد آية واحدة هجوم ثلاث فرق من الكلدانيين على إبل "أيوب"، مما يجعلنا نتصور أن أرض "عوص" كانت على مقربة من الكلدانيين، أي: في البادية القريبة من الفرات٤. والرأي عندي أن "أيوب" كان رجلًا غنيًّا يملك إبلًا وبقرًا وأتنًا أملاكًا، وربما كان سيد قبيلة، وله رعاة يتنقلون بماشيته في بادية الشام ما بين العراق وفلسطين وأعالي الحجاز، فأغار "أهل سبأ" على بقر له كانت تحرث أرضه, وعلى أتن كانت ترعى في أرضه، وأخذوها من رعاته وحراسه.


١ Enc. Bibi. I, P. ٢٧٢. ff
٢ قاموس الكتاب المقدس "١/ ١٨٨"، "٢/ ١٢٦". Hastings, P. ٤٦٩, ٩٥٦
٣ أيوب، السفر الأول، الآية ١٤ فما بعدها.
٤ أيوب، السفر الأول، الآية ١٧, Hastings, P. ٤٦٩, ٩٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>