للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقديم من شعر المخضرمين، ولا سيما شعر المتقدمين منهم في السن، هو استمرار في الواقع للشعر الجاهلي، نظم على طريقة أهل الجاهلية وأساليبهم في نظم الشعر وعلى معانيهم التي كانوا يتطرقون إليها في شعرهم في الغالب، فقد ولدوا في الجاهلية وقضى بعض منهم أكثر سني حياته فيها، ونظموا أكثر شعرهم في تلك الأيام وفي الأحداث التي وقعت فيها. ولذلك صار شعرهم يختلف عن شعر الشعراء الإسلاميين، لأنهم لم يشهدوا الجاهلية ولم يدركوها، وهم من ثَمّ لم يتأثروا بعقليتها كثيرا، ومن هنا يجب علينا أن نوجه لشعر الشعراء المخضرمين المسنين الذين قضوا أكثر أيام حياتهم في الجاهلية عناية خاصة، وأن نقوم بدراسته دراسة نقد دقيقة، إذ نتمكن بها من الوقوف على تطور الشعر الجاهلي ومكانته عند ظهور الإسلام.

ومن الشعراء المخضرمين من لقي الرسول وصحبه ومدحه وروى عنه، ومنهم من صحبه، لكنه لم يرو عنه، ومنهم من لم يره لكنه دخل في الإسلام. وقد ذكر بعض العلماء أسماء الشعراء الذين صحبوا الرسول ورووا عنه، منهم "حسان بن ثابت"، و"كعب بن مالك"، و"عبد الله بن رواحة"، و "عدي بن حاتم" الطائي، و "عباس بن مرداس" السلمي، و "أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب"، و "حميد بن ثور" الهلالي، و "أبو الطفيل عامر بن وائلة"، و "أيمن بن خريم" الأسدي، و "أعشى" بني مازن، و "الأسود بن سريع"، و "الحارث بن هشام"، و "عمرو بن شاس"، و "ضرار بن الأزور"، و "خفاف بن ندبة"، و "لبيد بن ربيعة"، و "ضرار بن الخطاب"، و "عبد الله بن الزبعرى"، ولم تكن للبيد، ولا لضرار ولا لابن الزبعرى رواية عنه. وكذلك "أبو ذؤيب" الهذلي، و "الشماخ بن ضرار"، وأخوه "مزرد بن ضرار"١.

وقد عد "ابن سلام" "النابغة" الجعدي، والشماخ بن ضرار، ولبيد، وأبو ذؤيب الهذلي طبقة، وقال: وكان الشماخ أشد متونا من لبيد، ولبيد أحسن منه منطقا٢.


١ الاستيعاب "٣/ ٥٦١"، "حاشية على الإصابة".
٢ الاستيعاب "٣/ ٥٦١"، "حاشية على الإصابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>