للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهجا أمه بشعر موجع منه قوله:

تنحي فاقعدي مني بعيدا ... أراح الله منك العالمينا

ألم أوضح لك البغضاء مني ... ولكن لا أخا لك تعقلينا

أغربالا إذا استودعت سرا ... وكانونا على المتحدثينا

جزاك الله شرا من عجوز ... ولقاك العقوق من البنينا

حياتك ما علمت حياة سوء ... وموت قد يسر الصالحينا

ثم هجا أخاه وزوجته، فلما لم يبق أمامه أحد سلم من هجائه إلا نفسه، إذ اطلع في حوض فرأى وجهه فقال:

أبت شفتاي اليوم إلا تكلما ... بسوء فما أدري لمن أنا قائله

أرى لي وجها شوه الله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله١

وقد جعل "المعري" هذا الشعر، سببا دخل به الجنة، لقوله بالصدق٢.

وله قصيدة "سينية" مشهورة، هجا فيها "الزبرقان بن بدر"، فسجنه "عمر" عليها، منها قوله:

ملوا قراه وهرته كلابهم ... وجرحوه بأنياب وأضراس

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

وفيها:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس

وقد قال "أبو عمرو بن العلاء" عن هذاالبيت""لم تقل العرب قط بيتا، أصدق "منه٤.


١ الشعر والشعراء "١/ ٢٤٠"، "والحطيئة الرجل الدميم أو القصير، ومنه لقب جرول الشاعر العبسي لدمامته. قاله الجوهري. وقيل: كان يلعب مع الصبيان فسمع منه صوت، فضحكوا. فقال: ما لكم! إنما كانت حطيئة، فلزمته نبزا، وقيل غير ذلك"، تاج العروس "١/ ٥٧"، "حطا"، الخزانة "٢/ ٤٠٩"، "هارون".
٢ رسالة الغفران "٣٠٧".
٣ رسالة الغفران "٣٠٧".
٤ الأغاني "٢/ ١٨٤ وما بعدها"، السيوطي شرح شواهد "٢/ ٩١٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>