للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت الأمين الذي من بعد صاحبه ... ألقى إليك مقاليد النهى البشر

لم يؤثروك بها إذ قدموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بها الخير١

وإذا صح ما روي من أن الحطيئة لما قدم المدينة، يريد الرسول، أرصدت له قريش العطاء، خوفا من شره٢، فيجب أن يكون قدومه قبل عام الفتح، وغلبة المسلمين على المشركين. ولكننا نجد بعض الرواة يشكون في دخوله في الإسلام في حياة الرسول. يقول "ابن قتيبة": "ولا أراه أسلم إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأني لم أسمع له بذكر فيمن وفد عليه من وفود العرب، إلا أني وجدته يقول في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه حين ارتدت العرب:

أطعنا رسول الله إذ كان حاضرا ... فيا لهفتي ما بال دين أبي بكر

أيورثها بكرا إذا مات بعده ... فتلك وبيت الله قاصمة الظهر

وقد مدح شعر الحطيئة، فذكر عنه "أبو الفرج الأصبهاني" أنه "كان من فحول الشعراء ومقدميهم وفصحائهم. وكان يتصرف في جميع فنون الشعر من مدح وهجاء وفخر ونسيب، ويجيد في جميع ذلك". وقال "الأصمعي": "وما تشاء أن تقول في شعر شاعر ما من عيب إلا وجدته فيه، إلا الحطيئة، فقلما تجد ذلك في شعره". وروي عن "إسحاق الموصلي" قوله: "ما أزعم أن أحدا من الشعراء بعد زهير أشعر من الحطيئة"٤. قال "الجاحظ": وكان الأصمعي يقول: "الحطيئة عبد لشعره. عاب شعره حين وجده كله متخيرا منتخبا مستويا، لمكان الصنعة والتكلف، والقيام عليه"٥، ونسب للأصمعي قوله:


١ ديوان "رقم ٧٤" الشعر والشعراء "١/ ٢٤٥"، البيان والتبيين "٢/ ٣١٨".
٢ الإصابة "١/ ٣٧٨"، "رقم ١٩٩١".
٣ الشعر والشعراء "١/ ٢٣٨ وما بعدها"، "دار الثقافة"، الخزانة "٢/ ٤٠٨".
٤ الإصابة "١/ ٣٧٧ وما بعدها"، "رقم ١٩٩١"، الأغاني "٢/ ٤٣".
٥ البيان والتبيين "١/ ٢٠٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>