للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"زهير بن أبي سلمى، والحطيئة وأشباههما عبيد الشعر"١.

وكان "الحطيئة" راوية كعب بن زهير، بل يقال إنه كان راوية زهير بن أبي سلمى٢. وله ديوان برواية "السكري" عن "محمد بن حبيب"، طبع مرارا٣. وذكر أنه قال لكعب بن زهير: قد علمت روايتي شعر أهل البيت وانقطاعي، وقد ذهب الفحول غيري وغيرك، فلو قلت شعرا تذكر فيه نفسك وتضعني موضعا، فإن الناس لأشعاركم أروى. فقال كعب:

فمن للقوافي شأنها من يحوكها ... إذا ما ثوى كعب وفوز جرول٤

وروي "أن أعرابيا وقف على حسان وهو ينشد، فقال له كيف تسمع؟ قال ما أسمع بأسا؛ فغضب حسان. فقال له: من أنت؟ قال: أبو ملكية. قال: ما كنت قط أهون عليّ منك حتى اكتنيت بامرأة، فما اسمك؟ قال: الحطيئة، فأطرق حسان، ثم قال: امض بسلام"٥.

وذكر بعض الرواة أن "الحطيئة" لما حضرته الوفاة اجتمع إليه قومه فقالوا: يا أبا مليكة، أوصِ. فقال: ويل الشعر من راوية السوء. قالوا أوصِ، يرحمك الله. قال: من الذي يقول:

إذا أنبض الرامون عنها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز

قالوا: الشماخ. قال أبلغوا غطفان أنه أشعر العرب. وتستمر الرواية على هذا النوع من طلب قومه منه أن يوصي، ومن إجابته أجولة لا صلة لها بالوصية. حتى انتهت بأنهم حملوه على أتان وجعلوا يذهبون به ويجيئون وهو عليها حتى مات، وهو يقول:


١ البيان والتبيين "٢/ ١٣".
٢ كارلو نالينو، تأريخ الآداب العربية "١١٠".
٣ طبع سنة "١٨٩٣م" بمدينة "لايبزك"، وطبع ببيروت، والقاهرة مع الشروح، بروكلمان، تأريخ الأدب العربي "١/ ١٦٨"، زيدان، تأريخ آداب اللغة العربية "١/ ١٧٠".
٤ ابن سلام، طبقات "٢١".
٥ الإصابة "١/ ٣٧٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>