للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أحد ألأم من حطيئة ... هجا بنيه وهجا المريئة

من لؤمه مات على الفريئة١

وروى "ابن قتيبة" القصة على هذا النحو: "قيل له حين حضرته الوفاة: أوصِ يا أبا مليكة: فقال: مالي للذكور دون الإناث، فقالوا: إن الله لم يأمر بهذا، فقال: لكني آمر به! ثم قال: ويل للشعر من الرواة السوء، وقيل له: أوصِ للمساكين بشيء، فقال: أوصيهم بالمسألة ما عاشوا، فإنها تجارة لن تبور! وقيل له: أعتق عبدك يساراً، فقال: اشهدوا أنه عبد ما بقي عبسيّ! وقيل له فلان اليتيم ما توصي له؟ فقال: أوصي بأن تأكلو ماله وتنيكوا أمه! قالوا: فليس إلاهذا؟! قال: احملوني على حمار فإنه لم يمت عليه كريم، لعلي أنجو! ثم تمثل:

لكل جديد لذة غير أنني ... رأيت جديد الموت غير لذيذ

له خبطة في الحلق ليست بسُكَّر ... ولا طعم راح يشتهى ونبيذ

ومات مكانه"٢.

وهي قصة لا تخلو من أثر الوضع والصنعة، قيلت على لسانه، لما عرف عنه من اللؤم والبخل والتعرض بالناس. وقد رويت بصور مختلفة٣.

وقد ذكر "الحطيئة" "سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أمية"، القرشي الأموي في شعره، وكان سعيد ممن ندبه عثمان لكتابة القرآن. وكان جوادا، ولم ينزع قميصه قط، وكان أسود نحيفا، وكان يقال له: "عكة العسل"، قال الحطيئة فيه:

سعيد فلا يغررك قلة لحمه ... تخدد عنه اللحم فهو صليب٤


١ الأغاني "٢/ ١٩٥ وما بعدها"، "الدار"، السيوطي، شرح شواهد "١/ ٤٧٥ وما بعدها"، الخزانة "١/ ١٤١"، "بولاق".
٢ الشعر والشعراء "١/ ٢٣٩".
٣ الخزانة "٢/ ٤١٢ وما بعدها"، "هارون".
٤ البيان والتبيين "١/ ٣١٤ وما بعدها"، "٣/ ١١٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>