للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وصف فيها حاله، وكيف أن جسمه صار شاحبا من الوجد على ما حل ببنيه، وكيف أنه صار لايعرف طعم الراحة ولا النوم، حتى صار بعيش ناصب، يخال نفسه إنه لاحق بهم مستتبع، ولقد حرص بأن يدافع عنهم، ولكن المنية متى أقبلت فلا دافع لها:

ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ... وإذا المنية أقبلت لا تدفع

وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع

ولأبي ذؤيب شعر في رثاء الرسول وردت أبيات منها في "الاستيعاب" وقد اختلف في المكان الذي توفي به هذا الشاعر، كما اختلف في سنة وفاته١. وقد طبع ديوانه٢. وكان أبو ذؤيب، شاعرا فحلا، لا غميزة فيه ولا وهن٣. ومن شعره في رثاء الرسول قوله:

لما رأيت الناس في عسلانهم ... من بين ملحود له ومضرح

متبادرين لشرجع بأكفهم ... نص الرقاب لفقد ابيض أروح

فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت ... جار الهموم يبيت غير مروح

كسفت لمصرعه النجوم وبدرها ... وتزعزعت آطام بطن الأبطح

وتزعزعت أجبال يثرب كلها ... ونخيلها لحلول خطب مفدح

ولقد زجرت الطير قبل وفاته ... بمصابه وزجرت سعد الأذبح٤

وكان لأبي ذؤيب ابن يقال له "مازن بن خويلد"، ويكنى أبا شهاب، وهو أحد شعراء هذيل٥.

و"أبو خراش"، "خويلد بن مرة الهذلي" من شعراء هذيل، وهو شاعر مشهور، أدرك الإسلام شيخا كبيرا ووفد على "عمر" وفي أيامه كانت وفاته. وكان أحد الفصحاء. يقال إنه كان سريع الجري. دخل مكة


١ الاستيعاب "٤/ ٦٧"، "حاشية على الإصابة"، الخزانة "١/ ٢٠٣"، "بولاق".
٢ بروكلمان، تأريخ الأدب العربي "١/ ١٦٩ وما بعدها".
٣ ابن سلام، طبقات "٢٩"، "ليدن"، أمالي المرتضى "١/ ٢١٧، ٢٥٩، ٢٩٣، ٤٩٢، ٦١٦".
٤ الروض الأنف "٢/ ٣٧٩".
٥ الشعر والشعراء "٢/ ٥٥٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>