للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ها عرب" في رأيي ونظري ملوك جزيرة العرب، كما يفهم ذلك من ظاهر النص, وإنما تعني رؤساء أعرابًا كانوا يقيمون على مقربة من فلسطين، وفي فلسطين نفسها، دفعوا إليه هدايا وضرائب؛ لأنهم كانوا يتاجرون مع العبرانيين، فقدموا إليه هدايا على قاعدة ذلك اليوم. وقد رأينا أن الآشوريين كتبوا مثل ذلك عن العرب وعن غيرهم في نصوصهم، إذ لا يعقل خضوع كل ملوك جزيرة العرب لسليمان, فلم يكن ملكه قد جاوز حدود العقبة كما نجد في التوراة، وقد ذكرنا أن لفظة "ها عرب"، أي "العرب" إنما كانت تعني الأعراب والبدو في العبرانية؛ ولذلك فجملة "وكل ملوك العرب" تعني "وكل رؤساء الأعراب"، وهم كثيرون. فقد كانوا قبائل وعشائر، ولكل قبيلة وعشيرة سيد ورئيس. وقد كان منهم عدد كبير في فلسطين وفي طور سيناء.

ووجه "سليمان" أنظاره نحو البحر؛ ليتجر مع البلاد الواقعة على البحار، وليستورد منها ما يحتاج العبرانيون إليه، فأنشأ أسطولا تجاريا في "عصيون جابر" "Ezion Geber" على خليج العقبة بجانب "أيلة" "أيلوت" "Eloth" "أيلات" "Elath"، من أرض "أدوم"١, وقد عرف خليج العقبة بـ"بحر سوف"، "يم، سوف" "Yam-Soph" في العبرانية. ولما كان العبرانيون لا يعرفون البحر، استعان سليمان بـ"حيرام" ملك "صور" في تسيير الأسطول وتدريب العبرانيين على ركوب البحر. فأمده بخبراء من صور، تولوا قيادة السفن، يخدمهم رجال سليمان, فمخروا البحر حتى وصلوا إلى "أوفير"، وأخذوا من هناك ذهبًا، زنته أربعمائة وعشرون وزنة، أتوا بها إلى سليمان٢.

ويظن أن "عصيون كيبر" "عصيون جيبر" "عصيون جابر" "Ezion Geber" كانت عند "عين الغديان" في قعر وادي العربة، على رأي بعض الباحثين٣، أو "تل الخليفة" على رأي بعض آخر٤. وقد عرفت بـ"Berenice" فيما بعد٥، وتقع إلى الغرب من العقبة. وقد قامت بعثة أمريكية بحفريات علمية


١ الملوك الأول، الإصحاح التاسع، الآية ٢٦.
٢ الملوك الأول، الإصحاح التاسع، الآية ٢٦ فما بعدها.
٣ قاموس الكتاب المقدس "٢/ ١٠٦".
٤ N. Glueck, in BOASOOR. Nos. ٧١, ٧٢, October, and December, ١٩٣٨, No ٧٦, October, ١٩٣٨, No. ٨٠, Ocbober, ١٩٤٠, J. Hornell, in Antiquity, vol XXXI, June ١٩٤٧, PP. ٦٦, W. F. Albright, the Archaeology of Palestine, ١٩٦٣, P. ٤٤, ١٢٧, ١٢٨.
٥ Hastings, P. ٢٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>