للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كما ترى- اسم قريب جدًّا من "أوفير".

وقد ضرب المثل بكثرة تبر "أوفير"، وبحسن سبائك ذهبها، فورد في سفر "أيوب" على لسان "اليفاز التيماني" مخاطبًا "أيوب"، داعيًا إياه إلى توجيه وجهه لله: "فإنك إن تبت إلى القدير، يعاد عمرانك وتنفي الإثم عن أخبيتك، فتجعل التبر مكان التراب وسبائك أوفير مكان حصى الأودية"١.

وأنشأ سليمان خطًّا بحريًّا آخر ينتهي بأرض اشتهرت بالذهب كذلك، سميت في التوراة "ترشيش". وقد استعان سليمان بمدربين وملاحين من "صور"، أمده بهم "حيرام" ملك "صور". وكان الأسطول مختلطا إسرائيليا وحيراميا، يذهب مرة في كل ثلاث سنوات. وأما البضاعة التي يعود بها من "ترشيش" فهي ذهب وفضة وعاج وقردة وطواويس٢. ولم يتفق العلماء حتى الآن على تعيين موضع "ترشيش"، فرأى بعضهم أنه مكان في إفريقيا، ورأى بعض آخر أنه في مكان ما من سواحل آسيا الجنوبية، ورأى آخرون أنه في إسبانيا٣. وكانت سفن صور تتاجر مع ترشيش وتربح من هذه التجارة ربحًا فاحشًا، كما جاء ذلك في التوراة.

وعلى أثر وفاة "سليمان" في حوالي سنة "٩٣٧ ق. م." انشطرت حكومته شطرين: إسرائيل "Israel" و"يهوذا" "Judah". وقد أثر هذا الانقسام على أعمال العبرانيين التجارية البحرية؛ لذلك لا نسمع لها ذكرًا في التوراة إلى أيام "يهوشافاط" "Jehoshaphat" ابن الملك "آسا" "Asa"، الذي حكم فيما بين "٨٧٦" و"٨٥١" ق. م. تقريبًا٤, فتحدثنا التوراة أنه اتفق مع "أخزبا" ملك "إسرائيل" على بناء أسطول جديد في "عصيون جابر" ليسير إلى "ترشيش"، غير أن مأربهما لم يتحقق؛ إذ تكسرت السفن ولم تستطع السير إلى "ترشيش"٥. ويظهر أنه أراد إحياء فكرة "سليمان" القديمة في الاتصال بالبحر الأحمر والمحيط الهندي وبإفريقيا وبسواحل جزيرة العرب الجنوبية وبسواحل آسيا، إلا أنه لم ينجح٦. والظاهر أن العبرانيين لم يكونوا قد أتقنوا


١ أيوب، السفر الثاني والعشرون، الآية ٢٣ فما بعدها.
٢ الملوك الأول، الإصحاح العاشر، الآية ٢٢ فما بعدها.
٣ قاموس الكتاب المقدس "١/ ٢٨٤ وما بعدها" Hastings, P. ٨٩٥
٤ Hastings, P. ٤٠٠
٥ أخبار الأيام الثاني، الإصحاح العشرون، الآية ٣٥ فما بعدها.
٦ Dubnow, I, S. ١٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>