للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناء السفن والسير بها في البحار، فأخفقوا، وأن نجاح "سليمان" في الوصول إلى "أوفير" و"ترشيش" مَردّه إلى خبرة ومهارة البحارة الصوريين الفينيقيين.

ويظهر من سفر "الملوك الأول" أن "يهوشافاط" قام بنفسه منفردًا ببناء السفن لإرسالها إلى "ترشيش"، غير أنها تكسرت في "عصيون جابر" فعرض "أخزبا بن آخاب" ملك إسرائيل عليه أن يبنيا أسطولًا مشتركًا، يشترك فيه ملاحون من إسرائيل وملاحون من يهوذا، إلا أنه رفض ذلك١. ولم نعد نسمع بمحاولات أخرى للعبرانيين ترمي إلى إعادة فكرة "سليمان" في بناء سفن بحرية للاتجار بها مع البلاد الواقعة على البحر بمسافات بعيدة عن إسرائيل.

نعم، لقد كون "المكابيون" أسطولًا تجاريًّا لهم جعلوا مقره في "يافا"٢ "Jappa", ولكنهم لم يتمكنوا من بناء أسطول لهم يخترق مياه البحر الأحمر؛ ليزاحم العرب أو غيرهم فيه, فلم يكن الإسرائيليون من عشاق البحر على شاكلة الفينيقيين أو العرب الجنوبيين أو سكان العروض. ولولا المساعدة الثمينة التي قدمها ملك صور لسليمان، لما استطاع العبرانيون أن يصلوا إلى "ترشيش" أو "أوفير".

وقد انصرف "يهوشافاط" على ما يظهر إلى إقرار الأمن في حدود مملكته، وتحسين علاقاته مع "أخاب" ملك إسرائيل ومع جيران "يهوذا"، حتى تمكن من عقد محالفات معهم، أدت إلى الاستقرار والهدوء، فلم يحاربوا "يهوشافاط"٣؛ وهذا مما حمل علماء يهود على التجول في مدن "يهوذا" لتعليم الناس أحكام دينهم. وحمل إليه "الفلسطينيون" هدايا وجِزًى دفعوها فضة، كما جاء في التوراة٤، ودفع إليه "العرب" كما تقول التوراة أيضًا "٧٧٠٠" كبش و"٧٧٠٠" تيس٥. ويظهر أن "العرب" المذكورين، هم من الأعراب النازلين في "يهوذا" ومن الأعراب الذين يفدون عليها للاتجار, وإلا


١ الملوك الأول، الإصحاح الثاني والعشرون، الآية ٣٨ فما بعدها.
Montgomery, Arabia, P. ١٧٩
٢ Hastings, P. ٨٤٩
٣ أخبار الأيام الثاني، الإصحاح الثامن عشر، الآية الأولى فما بعدها.
٤ أخبار الأيام الثاني، الإصحاح السابع عشر، الآية ١١.
٥ أخبار الأيام الثاني، الإصحاح السابع عشر، الآية ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>