للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مروان" ديوان "النعمان بن المنذر" الذي جمع فيه أشعار الفحول وما مدح به هو وأهل بيته، لما احتاج "الوليد" إلى أن يسأل حمادًا وجنادًا ليرسلا إليه ديوان العرب، وهو ديوان لا ندري اليوم من أمره شيئًا، ولم يذكر "ابن النديم" صاحب الخبر، ما علاقة الرجلين المذكورين بذلك الديوان. هل كانا اشتركا معًا في جمعه، أو أن كل واحد منهما قد جمع بنفسه الأشعار في ديوان؛ فأرسل الوليد إليهما يطلب منهما ما جمعاه، ليجمعه مع ما عنده في ديوان.

ثم إننا لم نسمع أحدًا يقول:"كنت أستخرج أخبار العرب وأنساب آل نصر ابن ربيعة، ومبالغ أعمار من عمل منهم، لآل كسرى، وتاريخ سنيهم من بيع الحيرة، وفيها ملكهم وأمورهم كلها"١؛ غير الرواية "هشام بن محمد الكلبي". فَلِمَ وقف "ابن الكلبي" وحده على تلك الكنوز، ولم يلجأ غيره إلى بيع الحيرة، ليأخذ منها أخبار نصر؟ ألم يعلم بوجودها أحد غيره؟ ثم لِمَ اختلفت روايات "ابن الكلبي" وتناقضت في أمور من تأريخ الحيرة، ما كان من الواجب وقوع اختلاف فيها، ولِمَ لجأ أيضًا إلى رواية القصص والأساطير عن منشأ "الحيرة"، وعن "عمرو بن عدي"، وعن جذيمة، وعن "قصر الحورنق" وعن غير ذلك، ليقصها على أنها تأريخ آل نصر٢. أيعد هذا دليلًا على أخذه من موارد قديمة مكتوبة مدوّنة؟ نعم، من الجائز أن يكون قد أخذ من صحف كانت قد دوّنت أسماء آل نصر المتأخرين، وبعض الأخبار المتعلقة بهم، أما نه أخذ أخبارهم كاملة مدونة من كتاب أو من كتب تأريخ بالمعنى المفهوم من الكتاب؛ فذلك ما أشك فيه، لأن الذي ينقل أخباره من كتاب في التأريخ لا يروي تاريخ تلك الأسرة وتاريخ عربها على الشكل الذي رواه.

قال "الطبري": "كان أمر آل نصر بن ربيعة ومن كان من ولاة ملوك الفرس وعمّالهم على ثغر العرب الذين هم ببادية العراق عند أهل الحيرة، متعالمًا، مثبتًا عندهم في كنائسهم وأسفارهم"٣، وتدل هذه الملاحظة التي تؤيد رواية "ابن الكلبي" المتقدمة -ولعلّ "الطبري" أخذها من رواية لابن


١ الطبري "١/ ٦٢٨" "طبعة دار المعارف بمصر".
٢ الطبري "١/ ٦٠٩ وما بعدها" "طبعة دار المعارف بمصر".
٣ الطبري "١/ ٦٢٨" "طبعة دار المعارف بمصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>