للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى أكثر الباحثين في دولة معين أن هذه المنطقة منطقة "الديدان" وما صاقبها من أرض، كانت جزءًا من تلك الدولة وأرضًا خاضعة لها، وأن ملوك معين كانوا يعينون حكامًا عليها باسمهم، وأن درجتهم هي درجة "كبر" أي "كبير" على طريقتهم في تقسيم مملكتهم إلى "محافد" أي أقسام، يكون على كل محفد أي قسم من المملكة "كبير"، يتولى الحكم باسم الملك في المسائل العليا وفي جمع الضرائب التي يبعث لها إلى العاصمة وفي المحافظة على الأمن. وقد عثر على كتابات ذكرت فيها أسماء "كبراء" حكموا باسم ملوك معين١.

ومعنى هذا أن دولة معين، كانت تحكم من معين كل ما يقال له الحجاز في عرف هذا اليوم إلى فلسطين، وأن هذه الأرضين كانت خاضعة لها إذ ذاك، ولكننا لا نجد في النصوص الآشورية أو العبرانية مثل التوراة ولا في الكتب الكلاسيكية ما يشير إلى ذلك. ولكن القائلين بالرأي المذكور يرون أن حكم معين كان في أوائل عهد معين، أي قبل أكثر من ألف سنة قبل الميلاد فلما ضعف ملوكها تقلص سلطان المعينيين عن الحجاز وبقي نافذًا في المنطقة التي عرفت بـ "معن مصرن"، "معن مصران"، أي "معين المصرية"، ثم ضعف سلطان المعينيين الشماليين عن هذه الأرض أيضًا بتغلب السبئيين على معين، ثم بتغلب اللحيانيين في القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد، حيث استقلوا وكونوا "مملكة لحيان"٢.

وقد أثارت "معن مصرن" "معين مصران"، جدلًا شديدًا بين العلماء، ولا سيما علماء التوراة، فذهب بعضهم إلى أن "مصر" "مصرايم" Mizraim الواردة في التوراة ليست مصر المعروفة التي يرونها نهر النيل، بل أريد بها "معين مصران"، وهو موضع تمثله "معان" في الأردن في الزمن الحاضر٣.

وأن لفظة "برعو" pero التي ترد في التوراة أيضًا لقبًا لملوك مصر، والتي تقابلها لفظة "فرعون" في عربيتنا، لا يراد بها فراعنة مصر، بل حكام "معين مصران" وأن عبارة "هاكرهم مصريت" Hagar Ham- Misrith، بمعنى "هاجر المصرية"، لا يعني "هاجر" من مصر المعروفة، بل من مصر


١ Musil. Hegaz. P. ٢٩٥, D. H. Muller, Epigraphtsche Denkmaler, S., ١-٩٦
٢ Hegaz, P. ٢٩٥
٣ Hastings, P. ٧١٩, Winckler, KLT, S., ١٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>