للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر أن لاسم قرية "شقير" و"حصن شقير" الموجودتين في اليمن في الوقت الحاضر، علاقة بمعبد "عم ذو شقرم" الذي تقرب صاحب النص المذكور إليه ببناء الطريق ورصفه، وقد كان "شقرم" موضع في ذلك الوقت أقيم به معبد خصص بعبادة الإله "عم"١. ولعل الطريق الذي شيده "يدع أب ذبيان" كان يمر به، وأنه أوصل إليه ليسهل على المؤمنين الوصول إليه, فكرس الطريق لذلك باسمه فذكر قبل بقية الآلهة، تعبيرًا عن هذا التخصيص.

ويرى بعض الباحثين أن ملك قتبان كان قد توسع في عهد "يدع أب ذبيان" هذا فصار يشمل كل "أوسان" وقتبان ومراد حتى بلغ حدود سبأ، ولحماية أرضه أقام حواجز وفتح طرقًا في الهضاب والجبال ليكون في إمكان جيشه اجتيازها بسهولة في تحركه لمقاتلة أعدائه، أقامها في شمال أرضه وفي جنوبها لمنع أعدائه من الزحف على مملكته، وتعبيرًا عن فتوحاته هذه في شمال وفي جنوب قتبان استعمل جملة "ايمنن واشامن" أي "الجنوبيون والشماليون"، وهو لقب يعبر عن هذا التوسع الذي تم على يديه٢.

ويظهر أن الذي حمل "يدع ذبيان" على الأقدام على شق الطرق في المرتفعات وفي الجبال وعمل الأنفاق وتبليط الطرق بالأسفلت، هو عدم اطمئنانه من الطرق الممتدة في السهول، إذ كانت هدفًا سهلًا للأعداء. فإذا اجتازتها قواته هاجمهما الغزاة ويكون من الصعب عليها الدفاع حينئذ عن نفسها، أما الطرق التي أنشأها فإنها وإن كانت صعبة وفي السير بها مشقة إلا أنها آمنة؛ لأنها تمر في أرض خاضعة لحكمه وهي أقصر من الطرق المسلوكة في الأرض السهلة. ثم إن الدفاع عنها أسهل من الدفاع عن الطرق المفتوحة. فبهذا التفكير الحربي أقدم على فتح تلك الطرق٣. وقد تبين من ورود لفظة "ملك" في بعض هذه الكتابات مع وجود لقب "مكرب" فيها، أن "يدع أب ذبيان" هذا كان كاهنًا في الأصل. أي حاكمًا يحكم بلقب "مكرب"، ثم تحلى بلقب "ملك" أيضًا، ولعله استعمل اللقبين معًا. ولهذا ذكرا معًا في الكتابات المشار إليها، إلا أن الكتابات المتأخرة


١ Beltrage s. ٤٣
٢ Beltrage s. ٤٤
٣ Beltrage s. ٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>