للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الرجيع"، وذكر أنهم تواصوا بأكل الجار. فهم من أغدر الناس، و"دار لحيان" هي دار الغدر١.

ويذكر الأخباريون أن "تأبط شرًّا" أتي جبلًا في "بلاد بني لحيان" ليشتار منه عسلًا، ومعه جماعة، فخرج عليهم اللحيانيون، فهرب من كان مع "تأبط شرًّا"، فحاصره اللحيانيون، إلا أن "تأبط شرًّا" أزلق نفسه على جدران الجبل، فلم يلحقوا به، وهرب٢.

وقد عثر السياح في حوالي سنة ٣٠٠ بعد الميلاد فما بعدها على كتابات عبرانية ونبطية في وادي "ديدان" تدل على أن قومًا من يهود وقومًا من النبط أو من جماعة كانت تتكلم النبطية كانت قد استوطنت في هذه الأرضين٣. وكان اليهود قد زحفوا إلى هذه الأرضين وأخذوا يستقرون فيها حتى وصلوا إلى يثرب، فلما ظهر الإسلام، كان معظم سكان وادي القرى إلى يثرب من اليهود.

وقد وجدت في الكتابات اللحيانية أسماء آلهة تعبدوا لها، في طليعتها الإله "ذو غابت" "ذو غابة". وقد عثر على أنقاض معبد له في وسط خرائب المدينة، ووجد فيه آثار حوض للماء، يظهر أن المؤمنين كانوا يتوضئون به أو يغسلون مواضع من أجسامهم للتطهر قبل أداء الشعائر الدينية، كما عثر على اسم إله آخر عرف عندهم بـ "سلمان"، ويظهر أنه كان يكنى "أبا إيلاف"، ويرى بعض الباحثين أنه إله القوافل، أي الإله الذي يحمل القوافل ويحرسها في ذهابها وإيابها، وذلك؛ لأن إيلاف القوافل كان من واجب الآلهة، كما يقول هؤلاء الباحثون، مستدلين على ذلك بوضع "قريش" قوافلهم في حماية الآلهة٤. كما يفهم من آية: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} ٥.


١
إن سرك الغدر صرفًا لا خراج له ... فأت الرجيع، وسل عن دار لحيان
ديوان حسان بن ثابت "ص ٣٧" "طبعة هرشفلد".
٢ المحبر "١٩٧ وما بعدها".
٣ Lihyanisch, S, ٤٤
٤ Das Altraabische, S, ١٣
٥ السورة رقم "١٠٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>