للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلة، وأقربهم إلى الله وسيلة، وأتبعهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعلمهم به، وأزهدهم في الدنيا وأطوعهم لربه، فلذلك وقع اختيارنا على مذهبه».

ولكن الْمُوَفَّق رحمه الله كان مجتهدًا فلم يقتصر على ترجيح المذهب، ولم يتعصب له إذا ظهر أن الحق خلافه، ومن تتبع كتابه المغني الزاخر بأقوال الأئمة، والأصحاب، وجد أن الْمُوَفَّق اجتهد في مسائل، وخالف ظاهر مذهب الإمام أحمد، فمثلا في مسألة تحديد مسافة القصر في الصلاة، يرى الْمُوَفَّق عدم التحديد بمسافة معينة، مخالفا بذلك المذهب وغيره فقال (١): «ولا أرى لما صار إليه الأئمة حجة، لأن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، وقد روي عن ابن عباس، وابن عمر، خلاف ما احتج به أصحابنا، ثم لو لم يوجد ذلك لم يكن في قولهم حجة مع قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله، وإذا لم تثبت أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه … » وكذلك مسألة تغريب المرأة الزانية البكر، ومسألة حكم السعي، وغيرها كثير (٢).


(١) ينظر: المغني ٢/ ١٩٠.
(٢) ليراجع في ذلك تحقيق الدكتور عبد العزيز السعيد على الروضة القسم الأَوَّل من الدراسة، وكذلك رسالة الدكتور عبد الرحمن السديس (المسائل الأصولية المتعلقة بالأدلة الشرعية) ١/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>