للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن لم يضره تركها أثم، وإلا فلا.

ومن قاتل عدوًا، أو أحاط العدو ببلده، والصوم يضعفه ساغ له الفطر بدون سفرٍ نصًّا (١)، ومن به شبقٌ يخاف تشقق مثانته جامع، وقضى، ولا يكفر نصًّا (٢)، إن لم تندفع شهوته بغيره، وإلا لم يجز، وكذا إن أمكنه ألا يفسد صوم زوجته لم يجز، وإلا جاز للضرورة، ومع الضرورة إلى وطء حائضٍ، وصائمةٍ، فوطء صائمةً أولى.

وإن تعذر قضاؤه؛ لدوام شبقه فككبيرٍ عجز عن الصوم على ما تقدم (٣).

ومسافرٌ سفر قصرٍ كمريضٍ فيما تقدم (٤)، ولولم يجد مشقة، لكن لو سافر؛ ليفطر حرم (٥).


(١) ينظر: الإقناع ١/ ٣٠٦، وكشاف القناع ٢/ ٣١١، ومطالب أولي النهى ٢/ ١٨٢.
(٢) ينظر: الفروع ٤/ ٤٣٩، الإقناع ١/ ٣٠٦، وكشاف القناع ٢/ ٣١١، وكشف المخدرات ١/ ٢٧٤، ومطالب أولي النهى ٢/ ١٨٢.
(٣) في أَوَّل كتاب الصيام. لوح رقم (٩١/ أ) من المخطوط في الصفحة رقم [٤٢٠].
(٤) في أَوَّل كتاب الصيام. لوح رقم (٩١/ ب) من المخطوط في الصفحة رقم [٤٢١].
(٥) قال ابن عثيمين في الشرح الممتع ٦/ ٣٤٣: (الصواب أن المسافر له ثلاث حالات:
الأولى: ألا يكون لصومه مزية على فطره، ولا لفطره مزية على صومه، ففي هذه الحال يكون الصوم أفضل له للأدلة الآتية:
أولاً: أن هذا فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: ((كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان في يوم شديد الحر حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة)) والصوم لا يشق على الرسول -صلى الله عليه وسلم- هنا؛ لأنه لا يفعل إلا الأرفق والأفضل.
ثانيًا: أنه أسرع في إبراء الذمة؛ لأن القضاء يتأخر.
ثالثًا: أنه أسهل على المكلف غالبًا؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد، كما هو مجرب ومعروف.
رابعًا: أنه يدرك الزمن الفاضل، وهو رمضان، فإنَّ رمضان أفضل من غيره؛ لأنه محل الوجوب، فلهذه الأدلة يترجح ما ذهب إليه الشافعي ـ رحمه الله ـ أن الصوم أفضل في حق من يكون الصوم والفطر عنده سواء.
الحال الثانية: أن يكون الفطر أرفق به، فهنا نقول: إن الفطر أفضل، وإذا شق عليه بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهًا؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عزّ وجل.
الحال الثالثة: أن يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة فهنا يكون الصوم في حقه حرامًا.
والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لما شكا إليه الناس أنه قد شق عليهم الصيام، وأنهم ينتظرون ما سيفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعا بإناء فيه ماء بعد العصر، وهو على بعيره فأخذه وشربه، والناس ينظرون إليه، ثم قيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال: «أولئك العصاة، أولئك العصاة» فوصفهم بالعصيان)).

<<  <  ج: ص:  >  >>