(٢) قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٢٦/ ١٠٥: «لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة، والصلاة، والصيام، باتفاق الأئمة بل متى لبى قاصدا للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، ولكن تنازع العلماء: هل يستحب أن يتكلم بذلك؟ كما تنازعوا: هل يستحب التلفظ بالنية في الصلاة؟ والصواب المقطوع به أنه لا يستحب شيء من ذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشرع للمسلمين شيئا من ذلك ولا كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية لا هو ولا أصحابه بل ما أمر ضباعة بنت الزبير بالاشتراط قالت: فكيف أقول؟ قال: قولي: لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث تحبسني رواه أهل السنن وصححه الترمذي ولفظ النسائي: إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال: قولي: لبيك اللهم لبيك: ومحلي من الأرض حيث تحبسني فإن لك على ربك ما استثنيت وحديث الاشتراط في الصحيحين. لكن المقصود بهذا اللفظ أنه أمرها بالاشتراط في التلبية ولم يأمرها أن تقول قبل التلبية شيئا لا اشتراطا ولا غيره، وكان يقول في تلبيته لبيك عمرة وحجا، وكان يقول للواحد من أصحابه: بم أهللت؟». (٣) قال ابن عثيمين في الشرح الممتع ٧/ ٧٢: في حكم الاشتراط هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء: القول الأول: أنه سنة مطلقا، أي: يستحب أن يقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني على كل حال. القول الثاني: ليس بسنة مطلقا. القول الثالث: أنه سنة لمن كان يخاف المانع من إتمام النسك، غير سنة لمن لم يخف، وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي تجتمع به الأدلة، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحرم بعمره كلها، حتى في الحديبية أحرم، ولم يقل: إن حبسني حابس، وحبس، وكذلك في عمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، وحجة الوداع، ولم ينقل عنه أنه قال: وإن حبسني حابس، ولا أمر به أصحابه أمرا مطلقا، بل أمر به من جاءت تستفتي؛ لأنها مريضة تخشى أن يشتد بها المرض فلا تكمل النسك، فمن خاف من مانع يمنعه من إتمام النسك، قلنا له: اشترط استرشادا بأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن لم يخف قلنا له: السنة ألا تشترط، وهذا القول اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ.