للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصًّا (١) فيقول: اللهم إن هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني، فازدد عني رضًا، وإلا فمن الآن قبل أن تنآني عن بيتك، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدلٍ بك، ولا ببيتك، ولا راغبٍ عنك، ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي ما بين خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيءٍ قدير (٢).

وإن أحب دعا بغير ذلك، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن المرأة إذا كانت حائضًا لم تدخل المسجد، ووقفت على بابه فدعت بذلك، ثم يأتي زمزم فيشرب منها، ويستلم الحجر، ويقبله.

فإذا فرغ من الحج، استحب له زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقبري صاحبيه (٣)


(١) ينظر: الفروع ٦/ ٦٥، والمبدع ٣/ ٢٣٥، والإنصاف ٤/ ٥٢.
(٢) هذا الدُّعاء لم أجده مرفوعا، بل هو من دعاء الشافعي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحج، باب الوقوف في الملتزم، برقم (٩٧٦٧) ٥/ ٢٦٨، والبيهقي في معرفة السنن والآثار، كتاب المناسك، باب الوقوف في الملتزم، برقم (١٠٣١٨) ٧/ ٣٥٥. وتناقلته كتب الفقه. ينظر: الكافي ١/ ٥٣٠، والمغني ٣/ ٤٠٧، والعدة ص ٢٢٤، والشرح الكبير ٣/ ٤٩٠، والمبدع ٣/ ٢٣٥، وغيرها.
(٣) قال ابن قاسم في حاشية الروض المربع ٤/ ١٩٠: «والنية في السفر إلى مسجده وزيارة قبره مختلفة، فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه، فهذا مشروع بالنص والإجماع، وكذا إن قصد السفر إلى مسجده، وقبره معا، فهذا قصد مستحبا مشروعا بالإجماع، وإن لم يقصد إلا القبر، ولم يقصد المسجد، فهذا مورد النزاع».
فمالك والأكثرون: يحرمون هذا السفر، وكثير من الذين يحرمونه، لا يجوزون قصر الصلاة فيه.
وآخرون يجعلونه سفرا جائزا، وإن كان السفر غير جائز، ولا مستحب، ولا واجب بالنذر، ولم يعرف عن أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: تستحب زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو لا تستحب، ونحو ذلك، ولا علق بهذا الاسم حكما شرعيا، وقد كره كثير من العلماء التكلم به، وذلك اسم لا مسمى له، ولفظ لا حقيقة له، وإنما تكلم به من تكلم من بعض المتأخرين، ومع ذلك لم يريدوا ما هو المعروف من زيارة القبور، فإنه معلوم أن الذاهب إلى هناك، إنما يصل إلى مسجده -صلى الله عليه وسلم- والمسجد نفسه يشرع إتيانه، سواء كان القبر هناك أو لم يكن.
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٠٨: (أن علماء المسلمين إذا تنازعوا في مسألة على قولين لم يكن لمن بعدهم إحداث قول ثالث بل القول الثالث يكون مخالفا لإجماعهم. والمسلمون تنازعوا في السفر لغير المساجد الثلاثة على قولين: هل هو حرام أو جائز غير مستحب. فاستحباب ذلك قول ثالث مخالف للإجماع وليس من علماء المسلمين من قال يستحب السفر لزيارة القبور … ).

<<  <  ج: ص:  >  >>