وهذا إسناد ضعيف، وإن كان رجاله رجال الصحيح؛ فإن أبا إسحاق - واسمه: عمرو بن عبد الله السبيعي - كان قد اختلط بآخرة، وقد قال أحمد: حديث ابن أبي زائدة عنه لين، سمع منه بآخرة. لكن له طريقان آخران عن ابن مسعود: الأولى عن زرعة: أخرجه الطبراني في "الكبير"، والهيثم بن كليب في "مسنده"، وابن عدي، وقال في أحد رواته محمَّد بن أبان: "ضعيف، يكتب حديثه"، وباقي رجاله ثقات. والأخرى عن علقمة عنه، قال: جاء ابنا مليكة الجعفيان إلى رسول الله صلى الله عَلَيهِ وسلَّمَ، فقالا - فذكرا قصة أمهما ووأدها ولدًا لها -، فقال صَلَّى الله عَلَيهِ وسلَّمَ … فذكر الحديث، وزاد: فولَّيا يبكيان، فدعاهما رسول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ، فقال: "وأمي مع أمكما": رواه يحيى بن صاعد في "مسند ابن مسعود - الحديث العاشر - "؛ ورجاله ثقات رجال الستة، غير شيخه أبي بكر عبد الله بن سالم الإِمام، ولم أجد له الآن ترجمة. وله شاهد من حديث سلمة بن يزيد الجعفي: أخرجه أحمد (٣/ ٤٧٨) والبخاري في "التاريخ" (٢/ ٢/ ٧٢) وسند صحيح، وزاد: "إلا أن تدرك الوائدة الإِسلام، فيعفو الله عنها". ورواه البغوي في "مختصر المعجم" (٩/ ١/ ٢)، وفيه الزيادة السابقة. وبالجملة؛ فالحديث صحيح لا شك فيه. وأما ما "المرقاة" - نقلًا عن ميرك شاه - أن ابن عبد البر، قال: "لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن الزهري غير أبي معاذ، ولا يحتج بحديثه". فالظاهر: أنه يعني طريفًا أخرى غير التي ذكرنا؛ وإلا فهذه ليس فيها أبو معاذ، ولا الزهريّ. ثم إن ظاهر الحديث: أن المؤودة في النار، ولو لم تكن بالغة، وهذا خلاف ما تقتضيه نصوص الشريعة: أنه لا تكليف قبل البلوغ، وقد أجيب عن هذا الحديث بأجوبة - أقربها عندي إلى الصواب -: أن الحديث خاص بمؤودة معينة، وحينئذ فـ (الـ) في المؤودة ليست للاستغراق؛ بل للعهد، ويؤيده قصة ابني مليكة، وعليه؛ فجائز أن تلك المؤودة كانت بالغة، فلا إشكال - والله أعلمَ -.