أمّا بَعْدَ حَمدِ الله على ما هدى إليه من معرفة السنن، ووفَّق في اقتفاء معالمها لسلوك أقصد السنن، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ المبعوث بالمعجز الخارق فصاحة اللسن، المنعوت بالعقل القويم والخلق الحسن، وعلى آله وصحبه الذين لهم على كل من بعدهم جزيل النّعم.
فقد وقع السؤال عن عدة أحاديث مما عدّه الإِمام أبو محمَّد البغوي -رحمه الله- في كتابه الموسوم بـ "المصابيح" من الحسان؛ أوردها عليه بعض المتأخرين اعتمادًا على ذكر الإِمام أبي الفرج بن الجوزي له في كتابه الذي جمع فيه -على زعمه- الأحاديث الموضوعة، وحكم بأنها كذلك، فنظرتُ فيها فإذا غالبها ليس كما ذكر.
فعلَّقت هذه الأوراق مبينًا ما هو الصواب في الحكم على تلك الأحاديث، مستعينًا بالله -تعالى-، ومتوكلًا عليه في جميع الأمور -وبالله التوفيق-.
وقبل الكلام على هذه الأحاديث تقدم مقدمات -تمهيدًا لما يأتي من البيان بحالها-.
الأولى:
إن الحديث المحتج به ينقسم إلى صحيح وحسن، وذلك بحسب تفاوت رجال إسناده في الحفظ والإتقان، وأداء ما تحمّلوه، كما أن الحديث الذي لا يحتج به ينقسم إلى ضعيف، ومنكر، وموضوع، بحسب تفاوت رواته في الوهم، والغلط، والتساهل، وتعمُّد الكذب.