(٢) لقد توهم كثير من الناس: أن التخفيف إنما كان من أجل رطابة الشقين، وهذا ليس بصحيح، ولو كان كذلك؛ لما شق الغصن شقين؛ لأن ذلك مما يسرع اليبوسة إلى الشقين كما لا يخفى! والصحيح: أن سبب التخفيف إنما هو شفاعته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ، ودعاؤه لهما، وأن الله استجاب له ذلك إلى أن يبسا، فالرطابة علامة لا سبب. ويشهد لهذا: حديث جابر الطويل في "مسلم" (٨/ ٢٣٥) "إني مررت بقبرين يُعذبان، فأحببت - بشفاعتي - أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين". ولهذا لم يعرف عن النبي صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ أنه كان يفعل ذلك عند زيارة القبور، ولا عن أصحابه، ولا عن أحد من السلف، بل قد أنكر الإِمام الخطابي ما يفعله الناس اليوم من وضع الأخضر على القبور، وقال: إنه لا أصل له". وقد تكلمت على هذه المسألة بتفصيل في كتابي "أحكام الجنائز وبدعها"، وراجع أيضًا تعليق أحمد شاكر على "الترمذي" (١/ ١٠٣).