وَكَذَا حَالُ البُخَارِيِّ فِيمَا خَرَّجَهُ مِنْ حَدِيثِ عِكرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ-، وَإِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، وَغَيْرِهِم مِمَّنِ احْتَجَّ بِهِمُ البُخَارِيُّ وَلَمْ يَحَتجْ بِهِمْ مُسْلِمٌ.
قَالَ الحَافِظُ أبو عَبْدِ الله الحَاكِمُ النَّيسَابورِيُّ في كِتَابِ "المَدْخَلِ إِلَى مَعْرِفَةِ المُسْتَدْرِكِ":
"عَدَدُ مَنْ أَخْرَجَ لَهُمُ البُخَارِيُّ في "الجَامِع الصَّحِيحِ" -وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُمْ مُسْلِمٌ- أَرْبَعُ مِئَةٍ وَأَربعَة وَثَلاثُونَ شَيْخًا.
وَعَدَدُ مَنِ احْتَجّ بِهِمْ مُسْلِمٌ في "المُسْنَدِ الصحيحِ"- وَلَمْ يَحْتَجَّ بِهِمُ البُخَارِيُّ في "جَامِعِهِ"- سِتُّ مِئَةٍ وَعِشْرُونَ شَيْخًا، وَاَلله أَعْلَمَ.
وَالحَسَنُ قَالَ الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الخَطابِيُّ: مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ، وَاشْتَهَرَ رِجَالُهُ (١).
قَالَ: وَعَلَيْهِ مَدَارُ أَ كْثَرِ الحَدِيثِ؛ وَهُوَ الذِي يَقْبَلُهُ أَكْثَرِ العُلَمَاء، وَيَسْتعْمِلُهُ عَامَّةُ الفُقَهَاء.
وَرُوَّينَا عَنْ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ في كِتَابِ "العِلَلِ" أنهُ يُرِيدُ بِالحَسَنِ: أَنْ لَا يَكُونَ في إِسْنَادِهِ مِنْ يُتَّهَمُ بِالكَذِبِ، وَلَا يَكُونَ حَدِيثًا شَاذًّا؛ ويُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوَ ذلِكَ؛ فَهُوَ عِنْدَنَا حَسَن.
قَالَ بَعْضُ المُحَدِّثِينَ: وَهذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ بِمَا يقَالُ فيهِ: إِنَّهُ حَسَنٌ؛ مَعَ أنَّهُ لَيسَ لَهُ مَخْرَجٌ إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ.
وَالضَّعِيفُ؛ هُوَ مَا لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ صِفَاتُ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَلَا صِفَاتُ الحَسَنِ، وَأَطْنَبَ ابْنُ حِبَّانَ في تَقْسِيمِهِ؛ فَبَلَغَ بِهِ خَمْسِينَ قِسْمًا إِلَّا وَاحِدًا.
(١) وهذا تعريف منتقد، والصوابُ ما بعده.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute