للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- ثُمَّ حَبَّبَ اللَّه إلَيْهِ فَنَّ الْحَدِيثِ؛ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِكُلِّيَّتِهِ، وَطَلَبَهُ سَنَةَ (٧٩٣) - وَمَا بَعْدَها-، فَعَكَفَ عَلَى الزّيْنِ الْعِراقِيِّ، وَحَمَلَ عَنْه جُمْلَة نافِعَةً مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ؛ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَعِلَلًا وَاصْطِلاحًا.

- وَارْتَحَلَ إلى بِلادِ الشّامِ، وَالْحِجَازِ، وَالْيَمَنِ، وَمَكَّةَ، وَمَا بَيْنَ هَذِهِ النَّواحِي.

وَأكْثَرَ -جِدًّا- مِنَ الْمَسْمُوعِ، وَالشُّيُوخِ، وَسَمِعٍ الْعالِي وَالنّازِلَ، وَاجْتَمَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ما لَمْ يَجْتَمِعْ لِغَيْرِهِ، وَأَدْرَكَ مِنَ الشُّيُوخِ جَماعَة؛ كُلُّ وَاحِدٍ رأْسٌ في فَنِّهِ الّذي اشْتُهِرَ بِهِ:

فالتَّنُّوخِيُّ: في مَعْرِفَةِ الْقِراآتِ، وَالْعِراقِيُّ: في الْحَدِيثِ، وَالْبُلْقِينِيُّ: في سَعَةِ الْحِفظِ وَكَثْرَةِ الاطِّلاع، وَابْنُ المُلَقَّنِ: في كَثْرَةِ التَّصانِيفِ، وَالْمَجْدُ -صاحِبُ "الْقامُوسِ"- في حِفْظِ اللُّغةِ، وَالْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ: في تَفَنُّنِهِ في عُلُومٍ كَثِيرَةٍ؛ بِحَيْثُ كانَ يَقُولُ: "أَنا أَقْرأُ في خَمْسَةَ عَشَرَ عِلْمًا؛ لا يَعُرِفُ عُلَماء عَصْرِي أَسْماءَها"!

- ثُمَّ تَصَدَّى لِنَشْرِ الْحَدِيثِ، وَقَصَرَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ؛ مُطَالَعَةً، وَتَصْنِيفًا، وَإفْتِاءً، وَتَفَرَّدَ بِذَلِكَ.

وَشَهِدَ لَهُ بالْحِفْظِ وَالإتْقانِ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، وَالْعَدُوُّ وَالصُّدِيقُ؛ حَتّى صارَ إطْلاقُ لَفْظِ (الْحَافِظِ) -عَلَيْهِ- كَلِمَةَ إجْماعٍ.

- وَرَحَلَ الطَّلَبَةُ إلَيْهِ مِنَ الأَقْطارِ، وَطارَتْ مُؤَلَّفَاتُهُ في حَيَاتِهِ، وَانْتَشَرَتْ في الْبِلادِ، وَتَكاتَبَتِ الْمُلُوكُ مِنْ قُطْرٍ إلى قُطْرٍ في شأْنِها.

وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا؛ مِنْها ما كَمَلَ، وَمِنْها ما لَمْ يَكْمَلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>