للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِمُ الذَّهَبُ، وَكانَ الْمُسْتَغْرَقُ في الْوَلِيمَةِ نَحْوَ خَمْسِمائَةِ دِينارٍ، وَوَقَعَتْ في ذَلِكَ الْيَوْمِ مُطارَحَةٌ أَدَبِيَّةُ … ".

- وَكانَ لِلْمُتَرْجَمِ لَهُ يدٌ طُولَى في الشِّعْرِ (١)؛ قَدْ أَوْرَدَ مِنْهُ جَمَاعَة مِنَ الأُدَباء الْمُصَنفِينَ أَشْياءَ حَسَنَةً جِدًّا؛ كابْنِ حَجّة في "شَرْح الْبَدِيعِيَّةِ" وَغيره، وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِعُلُوِّ دَرَجَتِهِ في ذَلِكَ.

وَأوْرَدَ لَه السّخَاوِيُّ في "الضّوْءِ الّلامِع" قَولَهُ:

خَليلَىَّ وَلَّي العمرُ منّا وَلم نَتُب … وَنَنوي فِعالَ الصّالِحاتِ وَلكِنّا

فَحتّى مَتى نبنى الْبيوتَ مَشِيدَةً … وَأَعْمازنا منّا تُهَدُّ وما تُبْنَى

- وَقَدْ كانَ -رَحِمَهُ الله- مُصَمِّمًا عَلَى عَدَمِ الدُّخولِ في الْقَضَاءِ، ثُمَّ قُدِّرَ أَن الْمُؤَيَّدَ وَلّاهُ الْحُكْمَ في بَعْضِ الْقَضايا، ثُم عَرَضَ عَلَيْهِ الاستِقلالَ بِهِ، وَأُلْزِمَ مِنْ أَحِبّائِهِ بَقبولِهِ؛ فَقَبِلَ، وَاسْتَقَرَّ في الْمحرمِ سَنَةَ (٨٢٧) بَعْدَ أَنْ كانَ عُرِضَ عَلَيْهَ وَهُوَ يأبى، وَتَزَايَدَ نَدَمُهُ عَلَى الْقبولِ؛ لِعَدَمِ فرْقِ أَرْبابِ الدَّوْلَةِ بَيْنَ الْعُلَماءِ وَغَيْرهِمْ، وَمُبالَغَتِهِمْ في اللَّوْمِ لِرَدِّ إشارَاتِهْمِ، وَإنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَفْقِ الْحَقِّ (٢)، وَاحْتِياجه لِمُدَارَاةِ كَبِيرِهِمْ وصَغِيرِهِمْ؛ بِحَيْثُ لا يُمكِنُهُ مَعَ ذَلِكَ الْقِيامُ بِمَا يَرُومونه! وَصَرَّحَ بأنَّهُ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ صُرِفَ، ثُم أُعِيدَ، وَلا زالَ كَذَلِكَ إلى أَنْ أَخْلَصَ في الإقْلاع عَنهُ عَقِبَ صَرْفِهِ في جُمادَى الآخِرَةَ سَنَةَ (٨٥٢).

وَجَمِيعُ مُدَدِ قَضائِهِ إحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَزَهِدَ في الْقَضاءِ زُهْدًا كَبِيرًا؛ لِكَثْرَةِ ما تَوالَى عَلَيْهِ مِنَ المِحَنِ وَالأَنْكادِ بِسَبَبِهِ، وَصَرَّحَ بأنَّهُ لَمْ يَبْقَ في بَدَنِهِ شَعْرَةُ تَقْبَلُ اسْمَهُ!


(١) وَللأستاذِ محمَّد يوسف أيُّوب كِتابٌ مفِيدٌ، بِعُنوان:"الحافظُ ابن حجَر العسقَلانِيُّ؛ حياتهُ وَشِعْرُهُ" نشْرُ مكْتَبَةِ الأَدِيب (١٤١٩ هـ) في الرّياض.
(٢) هَذا في زَمَانِهِ! فَكَيفَ في زَمانِنا؟! اللّهُمَّ عَفْوَكَ …

<<  <  ج: ص:  >  >>