قال - رحمه الله -: " … هو في مرضه القديم، ثم صلى بعد ذلك صلى بعد النبي صلى الله عَلَيهِ وسَلمَ جالسًا والناس خلفه قيام، لم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخرة فالآخر من فعل النبي صلى الله عَلَيهِ وسَلمَ". أقول: هذا الجواب صحيح لو كان هناك فعلان، والواقع أنه أمر منه صلى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ سابق، وفعل متأخر عنه، وحينئذ؛ فالفعل لا ينهض على نسخ الأمر، بل غاية ما يفيد: أن الأمر ليس للوجوب، بل للاستحباب، فيكون جلوس المؤتمين وراء الإِمام الجالس مستحبًا، وقيامهم وراءه جائزًا، وهذا هو الذي انتهى إليه الحافظ ابن حجر في بحثه حول هذا الحديث. ومما يؤيد ذلك: استمرار عمل الصحابة بهذا الحديث بعد وفاته صلى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ، وفيهم بعض رواته كجابر - رضي الله عنه -: فقد روى ابن أبي شيبة - بإسناد صحيح - عنه، كما قال الحافظ: أنه اشتكى، فحضرت الصلاة، فصلى بهم جالسًا، وصلوا معه جلوسًا. وروي عن أبي هريرة أنه أفتى بذلك، وإسناده صحيح أيضًا.