والحديث الأول رواه الترمذي وابن ماجة من غير طريق حماد بن الوليد، في إسناده - عندهما - علي بن عاصم، عن محمَّد بن سوقة، وقد تكلم جماعة من الأئمة في علي بن عاصم - هذا -، وذكروا هذا الحديث من جملة ما انتقد عليه. لكن ذكر الحافظ أبو بكر الخطيب أن هذا الحديث رواه إبراهيم بن مسلم الخوارزمي عن وكيع بن الجراح، عن قيس بن الربيع، عن محمَّد بن سوقة. وإبراهيم بن مسلم - هذا - ذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يتكلم فيه أحد، وقيس بن الربيع صدوق، تكلموا فيه، وحديثه يصلح متابعا لرواية علي بن عاصم. والذي يظهر أن هذا الحديث يقارب درجة الحسن، ولا ينتهي إليه، بل فيه ضعف محتمل، فأما أن يكون موضوعا؛ فلا. قال الحافظ ابن حجر في "أجوبته": قلت: أخرجه الترمذي وابن ماجة من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ -؛ ورجاله رجال الصحيحين، إلَّا علي بن عاصم، فإنَّه ضعيف عندهم، قال الترمذي بعد تخريجه:"لا نعرفه مرفوعًا إلّا عن علي بن عاصم". ورواه بعضهم عن محمَّد بن سُوقة شيخ علي بن عاصم موقوفًا على عبد الله بن مسعود، وقال الترمذي أيضًا "أنكره على علي بن عاصم، وعدُّوه من غلطه". وقال أبو أحمد بن عَدِي: رواه جماعة متابعةً لعلي بن عاصم، سرقه بعضهم منه، وأخطأ فيه بعضهم. وأخرجه ابن عدي من حديث أنس بلفظ:"من عزَّى أخاه المسلم من مصيبته كساه الله حُلَّة" وسنده ضعيف. وأخرجه أبو الشيخ في "كتاب الثواب" من حديث جابر بمعناه، وأبو يَعْلى من حديث أبي بَرْزَة بلفظ آخر وقد قلنا: إنَّ الحديث إذا تعددت طرقه يقوى بعضها ببعض، وإذا قوى كيف يَحْسُن أن يُطْلَق عليه: إنَّه مُخْتلق؟!