وانتفعوا به، واستفاد بجلد الميتة من علم، واستفهم من لم يعلم فهذا أبو الخير يجهل الحكم، ويرى ابن السبئي يلبس جلد شاة، فمسه متعجبا فقال ابن السبئي: لم تعجب؟ إنني استفتيت ابن عباس قبل أن أفعله، قلت له: إننا ببلاد فيها مجوس لا نأكل ذبائحهم، ولكنهم يأتوننا بالماء والشحم في قرب اتخذوها من جلود ذبائحهم التي هي في حكم الميتة، فماذا نفعل؟ قال ابن عباس: اشرب من قربهم وكل. قلت: أهذا رأي لك أو حكم الشريعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دباغ الجلد طهوره".
-[المباحث العربية]-
(تصدق على مولاة لميمونة بشاة)"تصدق" بضم التاء والصاد، مبني للمجهول، وفي الرواية الثانية "أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة" وفي رواية للبخاري عن ابن عباس قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بعنز ميتة" قال الحافظ ابن حجر: العنز هي الماعزة، وهي الأنثى من المعز، ولا ينافي رواية "ماتت شاة" لأنه يطلق عليها شاة كالضأن. اهـ.
وعندي أن العنز غير الشاة، وحمل الروايتين على حادثتين مختلفتين أولى من حمل العنز والشاة على ذات واحدة.
(هلا أخذتم إهابها فدبغتموه)"هلا" بتشديد اللام حرف تحضيض، مختص بالجمل الفعلية الخبرية، وهي في دخولها على الماضي الذي لا يمكن تداركه للتنديم، لكنها هنا للتحضيض، لأن الماضي يمكن تداركه وعمله.
والإهاب بكسر الهمزة وتخفيف الهاء هو الجلد قبل أن يدبغ، وقيل: هو الجلد دبغ أو لم يدبغ، وجمعه "أهب" بفتحتين، ويجوز بضمتين، وفي الرواية الثانية "هلا انتفعتم بجلدها"؟
(إنها ميتة) بسكون الياء، ويجوز في غير الرواية تشديد الياء المكسورة، ففي القاموس: هي ميتة وميتة وميت، والميتة ما لم تحلقه الذكاة. اهـ وفي اللسان: وقيل: الميت بسكون الياء الذي مات، والميت بالتشديد والمأت بالهمز الذي لم يمت بعد. قال تعالى:{إنك ميت وإنهم ميتون}[الزمر: ٣٠].
(إنما حرم أكلها)"حرم" بضم الراء المخففة، وروي بضم الحاء وكسر الراء المشددة، والضمير في "أكلها" يعود للميتة، أي إنما حرم أكل الميتة، والقصر إضافي، وهو قصر إفراد، لأن المخاطبين كانوا يعتقدون حرمة الأكل والانتفاع.
(ألا أخذوا إهابها فدبغوه)"ألا" هنا بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف عرض وتحضيض، ومعناهما طلب الشيء، لكن العرض طلب بلين، والتحضيض طلب بحث.