(أن داجنة كانت لبعض نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم) يقال: دجن بالمكان يدجن دجونا أقام به وألفه، ودجن في بيته إذا لزمه، وبه سميت دواجن البيوت وهي ما ألف البيت من الشاء وغيرها، الواحدة داجن وداجنة، وظاهر هذه الرواية أن الشاة كانت لواحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، والروايات الأخرى صريحة بأنها كانت لمولاة ميمونة، فإن كانت القصة واحدة كانت الرواية هنا على المجاز، فما كان لمولاة ميمونة هو لميمونة مجازا وإن كانت القصة مختلفة فلا مجاز وهو الظاهر، ففي البخاري عن ابن عباس عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:"ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها".
(رأيت على ابن السبئي فروا) ابن السبئي هو عبد الرحمن بن وعلة السبئي بفتح السين والباء بعدهما همزة ثم ياء النسب، والفرو بدون هاء هو الصحيح المشهور في اللغة، وجمعه فراء، ككعب وكعاب، ويقال فروة بالهاء كما يقولها العامة، وهي لغة قليلة حكاها ابن فارس.
(فمسسته) بكسر السين الأولى على اللغة المشهورة، وفي لغة قليلة بفتحها، فعلى الأولى المضارع يمسه بفتح الميم، وعلى الثانية بضمها.
(ويأتونا بالسقاء) أصله ويأتوننا حذفت النون الأولى تخفيفا، والسقاء القربة من الجلد المدبوغ.
(يجعلون فيه الودك) بفتح الواو والدال، هو الشحم، قال النووي: هكذا هو في الأصول ببلادنا "يجعلون" بالعين بعد الجيم، وكذا نقله القاضي عياض عن أكثر الرواة قال: ورواه بعضهم "يجملون" بالميم بعد الجيم، ومعناه يذيبون، يقال: يجملون بفتح الياء وضمها، لغتان، يقال: جملت الشحم وأجملته أذبته. اهـ.
-[فقه الحديث]-
اختلف العلماء في طهارة جلود الميتة بالدباغ على سبعة مذاهب:
أحدها: مذهب الشافعي، وهو أنه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة إلا جلد الكلب والخنزير، وما تولد منهما أو من أحدهما، وذلك لنجاسة عينهما في المذهب، ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه، ويجوز استعماله في الأشياء المائعة واليابسة، ولا فرق بين مأكول اللحم وغيره، وروي هذا المذهب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- وهو مذهب الأكثرين. ومجموع الأحاديث تؤيده، والرواية السادسة "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" صريحة في عموم المأكول وغير المأكول، ومن المعلوم أن نجس العين لا يطهر، والرواية السابعة والثامنة صريحة في طهارة ظاهر الجلد وباطنه بعد الدبغ، وصريحة في استعماله في الماء والودك.