للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلقيه رجل فسلم عليه. فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه. حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه. ثم رد عليه السلام.

٦٥٧ - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا مر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلم. فلم يرد عليه.

-[المعنى العام]-

تزوجت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين، وخرجت معه في هذه السفرة في غزوة بني المصطلق وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة، صبية في تلك السن، تحرص على التجمل لزوج له ست نساء غيرها، لكنها لا تحافظ على ما تحت يدها، قليلة الخبرة مستهينة بالأمور، لا يمتد غور تفكيرها إلى النتائج والعواقب، استعارت من أختها أسماء قلادتها وهي عقد جميل من خرز يمني، ولبسته وسافرت به، ويبدو أنها لم تتعود إحكام غلقه فسقط منها ليلة عند بئر المريسيع واضطرب بسبب بحثها عنه إلى التأخر عن الجيش الذي رحل وتركها، وكانت العاقبة حديث الإفك، وفي نفس طريق العودة وقريبا من المدينة ينزل الجيش ليستريح، فيسقط منها العقد مرة أخرى، لكنها في هذه المرة أسرعت وأبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث صلى الله عليه وسلم رجالا على رأسهم أسيد بن حضير للبحث عنه، وانطلقوا هنا وهناك، يفتشون المظان في الطريق، وغابوا وأدركتهم الصلاة، فصلوا بغير وضوء لعدم الماء، وتأخروا، وطال انتظار القوم، وهم لا يجدون الماء في مكان نزولهم، وكاد ينفد ما عندهم منه.

إن بعضهم يسمع همس المنافقين بحديث الإفك، فيألم، ويحمل في نفسه على عائشة أن وضعت نفسها موضع التهم، ثم هي الآن بسبب إهمال آخر تعرض الجيش للقحط والعطش، لقد ضاقوا ذرعا، فذهبوا إلى أبي بكر يشكونها، يقولون: ألم تر يا أبا بكر إلى ما صنعت ابنتك عائشة؟ أضاعت عقدها للمرة الثانية، فحبستنا وحبست رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الصحراء حيث لا ماء، وكان أبو بكر ممن سمع همس المنافقين، وقلبه يتقطع أسى وحسرة، فدخل مغضبا على ابنته، يعنفها ويؤنبها، ويحرص على عدم إزعاج رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وجده نائما على فخذها، يطعنها بيده في جنبها، يقول لها: ما أكثر عناءك وبلاءك على الناس، تحبسينهم في قلادة تافهة وهم على غير ماء، يطعنها فتتألم ولا تتحرك، يطعنها فتشد على أسنانها وتكتم أنفاسها وآهاتها، وما الفائدة في الطعن والشتم وقد حصل ما حصل، والليل المخيم على الناس لا يشجع على الرحيل، أصبح الناس ليسمعوا فضل الله ورحمته بأمة محمد صلى الله عليه وسلم ليسمعوا آية التيمم المختومة بقوله جل شأنه: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [المائدة: ٦] فيبتهجون بهذه البشرى، ويقول حبيبهم: ما أكثر بركاتكم يا آل أبي بكر، ما أنزل الله بكم ضيقا إلا جعل لكم منه مخرجا، وجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>