النصارى يعني أن هذا يدل على أن عيسى بعض من الله. فأجابه الحسن بن علي بن واقد صاحب كتاب النظائر بأن الله تعالى يقول: {وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه} [الجاثية: ١٣] فلو أريد بروح منه أنه بعضه، كان ما في السموات وما في الأرض بعضا منه، وإنما يريد بروح منه أنه من إيجاده، وخلقه، فأسلم النصراني.
وفيه تعريض باليهود فيما قذفت به مريم.
وفيه التخلص من عقائد الدهرية ومن يقول بنفي المعاد البدني، وذلك بذكر الجنة والنار.
وظاهر الحديث ضرورة التلفظ بالشهادتين، لكن قال الأبي: لا يشترط في داخل الإسلام النطق بلفظة "أشهد" ولا التعبير بالنفي والإثبات فلو قال: الله واحد، ومحمد رسول الله كفى، وأما كون النطق بذلك شرطا في حصول الثواب المذكور فمحتمل. اهـ.
وعقب عليه السنوسي بقوله: في قوله: لا يشترط في داخل الإسلام التعبير بالنفي والإثبات نظر، لأن المحل محل تعبد، فلا يعدل عما نص عليه الشرع، حتى قال بعض العلماء: من قدم وأخر في كلمتي الشهادة فقال مثلا: محمد رسول الله لا إله إلا الله لم يقبل منه. اهـ.
وأبواب الجنة الثمانية طرق للجنات الثمانية، كل باب طريق لجنة منها، كما أن أبواب النار السبعة طرق لطبقاتها السبع.
ووجه التكريم في تخييره بين أبواب الجنة إظهار الاعتناء به، ورفع الحجر عنه.
وظاهر هذا يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة بابا يقال له الريان، لا يدخله إلا الصائمون" إذ يقتضي أنه إذا أراد الدخول من هذا الباب لم يمكن منه حيث لم يصم.
ورفع هذا التعارض بأنه لا يلزم من التخيير الدخول، أو محاولة الدخول، فإنه قد يخير ولا يخلق الله تعالى عنده رغبة الدخول من هذا الباب.
والحكمة في جعل أبواب الجنة ثمانية وأبواب النار سبعة يعلمها الله تعالى فإنها من الأمور السمعية، أما تلمس البعض لحكم، كقولهم: أبواب الجنة ثمانية على عدد خصال الإسلام المشهورة، ثم يعد ثماني خصال، وأبواب النار سبعة على عدد الجوارح التي يعصي المكلف بها، ثم يعد سبعة أعضاء فهذا مما لا يركن إليه.
قال القاضي عياض رحمه الله: في الحديث دليل على أنه كتم ما خشي الضرر فيه والفتنة، مما لا يحتمله عقل كل واحد، وذلك فيما ليس تحته عمل ولا فيه حد من حدود الشريعة. قال: ومثل هذا عن الصحابة -رضي الله عنهم- كثير في ترك التحديث بما ليس تحته عمل، ولا تدعو إليه ضرورة، أو لا تحتمله عقول العامة، أو تخشى مضرته على قائله أو سامعه، لا سيما ما يتعلق بأخبار المنافقين والإمارة، وتعيين قوم وصفوا بأوصاف غير مستحسنة، وذم آخرين ولعنهم.
والله أعلم