(وروح منه) أي رحمة من الله، أو المقصود من الروح ما به الحياة. ومعنى أن عيسى روح الله أنه مخلوق من عند الله، وحيث إن جميع المخلوقات من عنده سبحانه، فإن الإضافة في "روح الله" إضافة تشريف كناقة الله وبيت الله.
(وأن الجنة حق وأن النار حق) الحق كل موجود متحقق، وكل ما سيوجد لا محالة.
(شاء) الفاعل يعود على من شهد أن لا إله إلا الله، ولا يصح عوده على الله، لأنه لا يكون لذكره فائدة، فكل إنسان يدخل من الباب الذي يشاؤه الله.
(على ما كان من عمل) يريد "وإن قبح" أو "وإن قل".
(عن الصنابحي عن عبادة بن الصامت أنه قال: دخلت عليه) ظاهر العبارة لأول وهلة أن "عبادة" هو الذي قال "دخلت عليه". وليس كذلك، إذ الواقع أن الصنابحي هو القائل دخلت على عبادة وهو في الموت.
قال النووي: هذا كثير يقع مثله، وفيه صنعة حسنة لا تظهر إلا لأهلها من شراح الحديث، وتقديره: عن الصنابحي أنه حدث عن عبادة بحديث قال فيه: دخلت عليه. اهـ.
ولزيادة الإيضاح نقول: تقدير الكلام: روي عن الصنابحي (حالة كونه محدثا عن عبادة بن الصامت) أنه قال: دخلت على عبادة.
(وهو في الموت) في الكلام مضاف محذوف أي في مرض الموت ومقدماته، والجملة حال.
(مهلا) بإسكان الهاء بمعنى أمهل، يقال بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع.
(لم تبكي؟ ) الاستفهام إنكاري بمعنى لا ينبغي أن تبكي.
(وقد أحيط بنفسي) مراده: وقد قربت من الموت وأيست من النجاة والحياة، وأصله يقال في الرجل الذي يجتمع عليه أعداؤه، فيقصدونه فيأخذون عليه جميع الجوانب، بحيث لا يبقى له في الخلاص مطمع، فيقال: أحاطوا به.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: هذا حديث عظيم الموقع، وهو أجمع أو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد، فإنه صلى الله عليه وسلم جمع فيه ما يخرج عن جميع ملل الكفر، على اختلاف عقائدهم وتباعدها. اهـ.
ففيه تعريض بالنصارى فيما ادعت من بنوة عيسى لله ومن التثليث، وقد حكى الأبي أن بعض عظماء النصارى سمع قارئا يقرأ {وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} [النساء: ١٧١] فقال: هذا دين