بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه" قال ابن رمح في روايته "من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد" ولم يذكر قتيبة قوله وأنا.
-[المعنى العام]-
لما كان من مقاصد الأذان الدعوة إلى الصلاة، سيقت أحاديث للإشعار بهذا المقصد، ولما كان من ثمراته فضيلة أذان المنفرد، وحقن الدماء عند وجود الأذان، وإثابة السامع إذا قال مثل ما يقول المؤذن، وإثابة الداعي عقب الأذان، سيقت هذه الأحاديث للإعلام بهذه الثمرات.
فالرواية الأولى يبين فيها الراوي عادة الرسول صلى الله عليه وسلم وشأنه حين كان يريد الإغارة على مجموعة من الأعداء، فقد كان يختار لهجومه وقت الفجر، لأنه الوقت الذي يغفل فيه السهران، ويأمن فيه المترقب للشر، وكان قبل هجومه يتسمع القوم، فإن سمع منهم أذانا استدل به على أنهم مسلمون مسالمون، فيرجع عنهم، فإن لم يسمع بينهم أذان الفجر، باغتهم وهجم عليهم، وفي سفر من الأسفار، وعند الفجر تسمع، فإذا صوت يقول: الله أكبر. الله أكبر. قال عليه الصلاة والسلام: أنت على فطرة الإسلام يا صاحب الصوت، فسمع: أشهد أن لا إله إلا الله. قال عليه الصلاة والسلام: خرجت بهذا القول من النار واستحققت دخول الجنة، فنظر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم مصدر الصوت فإذا هو بدوي يرعى معزي، ويؤذن لنفسه ليؤدي صلاة الفجر، ومن مدحه صلى الله عليه وسلم فهم الصحابة فضل أذان المنفرد، وغبطوا المؤذنين على فضيلة التأذين، فجاءوا يقولون يا رسول الله: إن المؤذنين يفضلوننا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا كما يقولون، فإذا انتهيتم فسلوا الله يستجب لكم، إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول: فإذا قال: حي على الصلاة، فقولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: حي على الفلاح فقولوا كذلك: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإن من تابع حتى ينتهي، يقول بلسانه مثلما يقول، ويصدق بقلبه ما ينطق به لسانه دخل الجنة، فإذا ما انتهيتم من محاكاة الأذان، فصلوا علي وسلموا تسليما. فإن من صلى علي مرة واحدة كافأه الله بعشر من أمثالها، وأعطاه ثواب عشر صلوات، ثم اسألوا الله لي الوسيلة، وهي الدرجة الفريدة العالية التي لا ينالها إلا عبد واحد من عباد الله.
وأرجو أن أكون ذلك الرجل، اسألوا الله لي الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة العالية في الجنة تنالوا شفاعتي، ثم قولوا: رضينا بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، ثم سلوا الله ما شئتم تنفتح لدعائكم أبواب السموات.
-[المباحث العربية]-
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر) الغارة كبس القوم على غفلة، وهي بليل أولى، ولعل تأخيرها للفجر لاستماع الأذان، للتحقق من عدم إسلام من يغير عليهم، والتعبير بالمضارع "يغير" مع "كان" لإفادة أنها كانت عادته المستمرة.