قال النووي: واعلم أنه يستحب إجابة المؤذن، بالقول مثل قوله لكل من سمعه، من متطهر ومحدث وجنب وحائض وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة ومن أسباب المنع أن يكون في الخلاء أو جماع أهله، أو نحوهما. اهـ. فإذا فرغ من ذلك تابع.
وظاهر الرواية الثانية والثالثة، وفيهما "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول" أن المطلوب محاكاة المؤذن في جميع كلمات الأذان، وبهذا قيل، لكن الرواية الرابعة عن عمر بن الخطاب تدل على أنه يستثنى من ذلك [حي على الصلاة، وحي على الفلاح] فيقول بدلهما: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا هو المشهور، وما عليه الجمهور، ووجه من حيث المعنى بأن الأذكار الزائدة على الحيعلة يشترك السامع والمؤذن في ثوابها، وأما الحيعلة فمقصودها الدعاء إلى الصلاة، وذلك يحصل من المؤذن، فعوض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة بثواب الحوقلة، وقال الطيبي: معنى الحيعلتين هلم بوجهك وسريرتك إلى الهدى عاجلا والفوز بالنعيم آجلا، فناسب أن يقول السامع: هذا أمر عظيم، لا أستطيع القيام به مع ضعفي، اللهم إلا إذا وفقني الله بحوله وقوته. اهـ وهذا القول يحمل رواية العام على رواية الخاص.
وحكى بعض المتأخرين عن بعض أهل الأصول أن الخاص والعام إذا أمكن الجمع بينهما وجب إعمالهما، وعليه يشرع للسامع أن يجمع بين الحيعلة والحوقلة، وهو وجه عند الحنابلة، وقال ابن المنذر: يحتمل أن يكون ذلك من الاختلاف المباح، فيقول تارة كذا وتارة كذا. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: ويقرب من ذلك الخلاف في قول المأموم [سمع الله لمن حمده -أو ربنا ولك الحمد].
وذهب بعض الحنفية إلى أنه يسن لسامع "حي على الصلاة" أن يقول لا حول ولا قوة إلا بالله، ولسامع "حي على الفلاح" أن يقول: ما شاء الله، روي مثله عن عثمان، وروي عن سعيد بن جبير قال: يقول في جواب الحيعلة: سمعنا وأطعنا.
قال الحافظ ابن حجر: ووراء ذلك وجوه من الاختلاف أخرى قيل: لا يجيبه إلا في التشهدين فقط، وقيل هما والتكبير، وقيل: يضيف إلى الحوقلة دون ما في آخره، وقيل: مهما أتى به مما يدل على التوحيد والإخلاص كفاه، وهو اختيار الطحاوي، وحكوا أيضا خلافا. هل يجيب في الترجيع أولا؟ وفيما إذا أذن مؤذن آخر، هل يجيبه بعد إجابته للأول أولا؟ اهـ.
وظاهر الرواية الثانية والثالثة أن السامع يقول أيضا "الصلاة خير من النوم" عندما يسمعها في أذان الصبح، وقد حكى النووي في ذلك خلافا، فقال: يقول فيها: صدقت وبررت، وقيل يقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة خير من النوم.
وقد ذهب أبو الفتح اليعمري إلى أن القول مثلما يقول المؤذن محله بعد انتهاء المؤذن من أذانه،