عمل الأمة، ولم يكن في الصدر الأول وإنما حدث عند ولاية بني هاشم، ثم استمر عمل المسلمين عليه بجميع الأقطار ومنهم من يختم به أيضا. اهـ.
والمتتبع لكتب الحديث يجد الرواة جميعا بدون استثناء، وعلى رأسهم الصحابة والخلفاء الراشدون وأمهات المؤمنين، يلتزمون الصلاة عليه والتسليم كلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم ولو تكرر في الحديث الواحد مرات ومرات، وهذا الالتزام الذي لم يتخلف سند للطحاوي في قوله بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم، وإن كنت أميل إلى الاستحباب. والله أعلم.
أما سؤال الوسيلة فقد جاء في رواية البخاري "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة" قال الحافظ ابن حجر: و"الفضيلة" يحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيرا للوسيلة، وقال ابن الجوزي:"والأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة". اهـ.
فاشتملت رواية البخاري على سؤال الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود فهي أوفى من رواية مسلم، قال بعضهم: والحكمة في سؤال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم مع كونه واقعا له بوعد الله تعالى -حيث قال:{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}[الإسراء: ٧٩] وعسى من الله للواقع، وليس على بابه من الترجي- الحكمة في سؤال ذلك إظهار شرفه، وعظم منزلته، والعبادة بالدعاء، ونيل الأجر عليه، وهذا القول أولى من قول بعضهم: إنه صلى الله عليه وسلم قاله قبل أن يوحى إليه بوقوعه ومن قول بعضهم: إن هذا السؤال لطلب الدوام والثبات. والله أعلم.
قال الحافظ ابن حجر: استشكل بعضهم جعل الشفاعة جزاء لسؤال الوسيلة مع أن الشفاعة للمذنبين، وأجيب بأن له صلى الله عليه وسلم شفاعات أخرى، كإدخال الجنة بغير حساب، وكرفع الدرجات، فيعطي كل أحد ما يناسبه. اهـ.
واستشكل بعضهم على الرواية الرابعة أنها جعلت دخول الجنة في مقابلة حكاية الأذان، والقول مثلما يقول المؤذن، مع أن كل مؤمن لابد له من دخول الجنة حيث مات على الإيمان، وإن لم يحك قول المؤذن، وأجاب بأن المراد أنه يدخل الجنة مع السابقين، وليس جوابه بجواب، بل الجواب أن من قال بلسانه ومن قلبه -كما ينص الحديث- مثلما يقول المؤذن كان مسلما مؤمنا، ومن كان كذلك دخل الجنة، فالإشكال غير وارد من أساسه، وإنما يرد الإشكال لو أن الحديث قال: من لم يقل مثل قول المؤذن لا يدخل الجنة.
وقد تعرضت الرواية الخامسة لذكر ودعاء آخر عقب الأذان، غير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة، وهو "أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد نبيا ورسولا وبالإسلام دينا" والجمع بينهما مستحب، بل هناك من الأدعية الأخرى غير ما ورد ولا مانع من الجمع والإكثار من الدعاء في هذا الوقت المفضل، الذي يكون فيه الدعاء أقرب ما يكون إلى الإجابة، من تلك ما رواه أحمد والطبراني عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين