٦٨٩ - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي التأذين أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول له اذكر كذا واذكر كذا لما لم يكن يذكر من قبل حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى".
٦٩٠ - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله. غير أنه قال "حتى يظل الرجل إن يدري كيف صلى".
-[المعنى العام]-
للأذان فضل على كثير من العبادات؟ والتأذين منزلة وشرف منحها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال مقابل صموده أمام التعذيب، وجهره بأحد أحد في وجه عتاة الكافرين. الأذان صاروخ يصم آذان أعداء الإسلام، ويكبتهم ويشعل الحسرة في صدورهم، الأذان رفع لشأن الإسلام، وإعلاء لكلمته وإعلان عن شعائره، ورفع لرأس المؤذن، وعزة للمسلمين، ومن هنا كان المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة، وأكثرهم عزة وكرامة وفضلا وشأنا، ومن هنا كان الأذان إرغاما للشيطان، وإذلالا، ومجابهة له وخذلانا، إنه إذا سمع الأذان ولى وأدبر، يجري كأنه حمر مستنفرة فرت من قسورة، يجري ويحدث صوتا حين يجري يغطي بصوته على أذنيه كيلا تسمع الأذان، صوت قبيح كالضراط، وحقا لا يخرج الخبيث إلا الخبائث، ولا يهرب الخبيث إلا من الطيبات، يجري ويبتعد مد صوت المؤذن مادام يؤذن، فإذا فرغ من أذانه عاد إليه وإلى أهل المسجد، يوسوس لهم ويغويهم ويأتيهم من خلفهم ومن بين أيديهم، فإذا سمع إقامة الصلاة فر كما تفر الفيران من القط، فر بعيدا عن صوت التوحيد والدعوة إلى الله، فإذا انقضت إقامة الصلاة عاد إلى المصلين، يخطر بينهم وبين قلوبهم، يوسوس لهم، ويزين أمور الدنيا في نفوسهم ويذكرهم في صلاتهم بمتاعهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم، ليحول بينهم وبين الخشوع، ويباعد بينهم وبين الإقبال على الله بكل الجوارح، وبقدر جهاد المؤمن للشيطان وبقدر تغلبه عليه في هذا الميدان، وبقدر خشوعه لربه، يكون له من ثواب الصلاة، فقد قال صلى الله عليه وسلم "ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها" وإن كثيرا من المصلين يتغلب عليهم شيطانهم، فيخرجون من الصلاة كأنهم ما دخلوا فيها، يقرءون ويركعون ويسجدون وهم لا يشعرون أجسامهم في الصفوف، وأفكارهم مع الشيطان، لا يدركون كم ركعة صلوا؟ ولا ماذا قرءوا؟ ولا كيف بدءوا؟ ولا متى انتهوا؟ إنهم الذين