الله لمن حمده] أي جزاه وأثابه، ثم يعقب ذلك بالحمد مرة ثانية بقوله [ربنا ولك الحمد] استجابة لقوله تعالى {لئن شكرتم لأزيدنكم}[إبراهيم: ٧].
قال النووي: ويبدأ في قوله "سمع الله لمن حمده" حين يشرع في الرفع من الركوع، ويمده حتى ينتصب قائما، ثم يشرع في ذكر الاعتدال، وهو (ربنا لك الحمد) ثم قال: وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي رضي الله عنه وطائفة أنه يستحب لكل مصل، من إمام ومأموم ومنفرد أن يجمع بين [سمع الله لمن حمده] و [ربنا لك الحمد] فيقول: سمع الله لمن حمده في ارتفاعه، وربنا لك الحمد في حال استوائه وانتصابه في الاعتدال؛ لأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعا، وقال صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" وسيأتي بسط الكلام في هذه المسألة وفروعها وشرح ألفاظها ومعانيها بعد عدة أبواب حيث ذكرها الإمام مسلم رحمه الله تعالى بعد باب: متابعة الإمام والعمل بعده. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - من قول أبي هريرة "والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم" حرص الصحابة على تبليغ الشريعة، وحرصهم على اتباع السنة.
٢ - ومن الرواية الثانية مشروعية جمع الإمام بين "سمع الله لمن حمده" و"ربنا لك الحمد" وهو مذهب الشافعي، وعند أبي يوسف ومحمد يقول الإمام "ربنا لك الحمد" في نفسه، وبه قال أحمد في رواية، وعند أبي حنيفة لا يقول الإمام: ربنا لك الحمد، وبه قال مالك، وأحمد في رواية.
٣ - وأن التسميع عند الرفع من الركوع، والتحميد عند القيام بعد الركوع.
٤ - يؤخذ من قولهم في الرواية الرابعة: ما هذا التكبير؟ أن التكبير الذي ذكره كان قد ترك.
٥ - قال ابن بطال: يؤخذ منه أن السلف لم يتلقوا التكبير المذكور على أنه ركن من أركان الصلاة، وإلا لما تركوه.
٦ - قال الحافظ ابن حجر: استدل بعضهم بما في الرواية السادسة من صلاة مطرف وعمران خلف علي رضي الله عنه على أن موقف الاثنين يكون خلف الإمام، خلافا لما قال: يجعل أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله قال: وفيه نظر، لأن فيه أنه لم يكن معهما غيرهما.