للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومذهب الجمهور، ولم يوجبها أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- وطائفة يسيرة، وهذا الحديث حجة عليهم، وليس عنه جواب صحيح، وأما الاعتدال فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء أنه يجب الطمأنينة فيه، كما تجب في الجلوس بين السجدتين، وتوقف في إيجابها بعض أصحابنا، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم، في هذا الحديث "ثم ارفع حتى تعتدل قائما" فاكتفى بالاعتدال، ولم يذكر الطمأنينة كما ذكرها في الجلوس بين السجدتين وفي الركوع والسجود.

١٤ - وفيه أن المفتي إذا سئل عن شيء، وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه السائل ولم يسأله عنه يستحب أن يذكره له، ويكون هذا من النصيحة، لا من الكلام فيما لا يعني، وموضع الدلالة أنه قال: "علمني يا رسول الله" أي علمني الصلاة، فعلمه الصلاة، واستقبال القبلة والوضوء ليسا من الصلاة، لكنهما شرطان لها.

١٥ - وفيه الرفق بالمتعلم والجاهل وملاطفته، وإيضاح المسألة له وتلخيص المقاصد، والاقتصار، في حقه على المهم دون المكملات التي لا يحتمل حاله حفظها والقيام بها.

١٦ - وفيه استحباب السلام عند اللقاء وأنه يستحب تكراره إذا تكرر اللقاء، وإن قرب العهد.

١٧ - وأنه يجب رده في كل مرة.

١٨ - وأن صيغة الجواب "وعليكم السلام" أو "وعليك السلام" بالواو مستحبة عند الجمهور، وأوجبها بعض أصحابنا، وليس بشيء بل الصواب أنها سنة، قال الله تعالى: {قالوا سلاما قال سلام} [هود: ٦٩] بدون الواو.

١٩ - وفيه أن من أخل ببعض واجبات الصلاة لا تصح صلاته ولا يسمى مصليا، بل يقال له: لم تصل.

قال النووي: فإن قيل كيف تركه مرارا يصلي صلاة فاسدة؟

فالجواب: أنه لم يؤذن له في صلاة فاسدة، ولا علم من حاله إنه يأتي بها في المرة الثانية والثالثة فاسدة، بل هو محتمل أن يأتي بها صحيحة، وإنما لم يعلمه أولا ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة اهـ.

قال الأبي: لم يعلمه ابتداء لأن التعليم بعد تكرار الخطأ أثبت من التعليم ابتداء، وقيل: تأديبا له، إذ لم يسأل، واكتفى بعلم نفسه، ولذا لما سأل، وقال: لا أحسن غير هذا علمه، وليس فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة، لأنه كان في الوقت سعة. اهـ.

٢٠ - أخذ منه الأبي أن المخطئ في صلاته لا يطالب بالإعادة إلا في الوقت، لأن الرجل كان يصلي في الأيام السابقة، ولم يؤمر بإعادة صلاتها.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>