للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث ابن مسهر غير أنه قال "نهر وعدنيه ربي عز وجل في الجنة عليه حوض" ولم يذكر "آنيته عدد النجوم".

-[المعنى العام]-

وصلت إلينا الصلاة عن طريق التواتر العملي، يتناقلها الأبناء عن الآباء والأصاغر عن الأكابر، تحت حراسة ورقابة رجال الدين العلماء الغيورين، ولقد حرص كبار الصحابة، وفقهاؤهم على تتبع دقائق الصلاة حين كانوا يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وخلف خلفائه الراشدين من بعده، ثم حرصوا على تبليغ الأمة بما تحملوه من علم، وما حفظوه من أحكام. وها هو ذا أنس بن مالك، وقد رأى بعض الناس يجهرون قبل قراءة الفاتحة في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم، وبعضهم لا يجهر بها، ولكن يسر بها، وبعضهم لا يجهر بها ولا يسر، فقال لأصحابه: لقد صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يجهر قبل الفاتحة ببسم الله الرحمن الرحيم، ولقد سمعت عمر بن الخطاب يجهر بدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، ويقول: سبحانك الله وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك وعظمتك، ولا إله غيرك: وكأن أصحاب أنس قالوا له: إذن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور؟ وكأنه قال لهم: افهموا ما تفهمون، ولكني أنقل لكم ما أعلم، وقد كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم في المسجد، فأغفى إغفاءة، وأخذته سنة خفيفة من النوم، فانتبه وهو يبتسم، فقلنا: مم تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سنك: قال: لقد أنزلت علي في هذه اللحظات سورة، فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم* إنا أعطيناك الكوثر* فصل لربك وانحر* إن شانئك هو الأبتر} لقد كان العاص بن وائل يقول إن محمدا لا عقب له، فإذا مات مات ذكره، فنزلت هذه السورة تبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضل الله عليه، وتكريمه إياه بالكوثر، وتتوعد العاص وأمثاله بانقطاع ذكرهم في الدنيا من بعدهم. قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فأخبرنا يا رسول الله.

قال: هو نهر عظيم في الجنة، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، وإن أمتي ترده يوم القيامة، أعرفهم من بين الناس، إذ هم غر محجلون من آثار الوضوء وقد أجد أحدهم يذاد عن الحوض، فأقول: يا رب هذا من أمتي؟ فيقول لي: لا تدري ما أحدث بعدك، لقد ارتد على أدباره، فأقول ما قال أخي عيسى {وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد* إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: ١١٧ - ١١٨].

-[المباحث العربية]-

(سبحانك اللهم وبحمدك) سئل الزجاج عن الواو في قوله "وبحمدك" فقال: معناه سبحانك اللهم، وبحمدك سبحتك. اهـ فالجار والمجرور متعلق بمحذوف، والجملة معطوفة على سابقتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>