للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إن الله هو السلام) وفي رواية للبخاري "لا تقولوا: السلام على الله فإن الله هو السلام" قال البيضاوي: أنكر التسليم على الله، وبين أن ذلك عكس ما يجب أن يقال، فإن كل سلام ورحمة له ومنه، وهو مالكها ومعطيها. وقال التوربشتي: وجه النهي عن السلام على الله لأنه المرجوع إليه بالمسائل المتعالى عن المعاني المذكورة، فكيف يدعي له وهو المدعو على الحالات؟ وقال الخطابي: المراد أن الله هو ذو السلام فلا تقولوا: السلام على الله، فإن السلام منه بدأ، وإليه يعود، ومرجع الأمر في إضافته إليه أنه ذو السلام من كل آفة وعيب، ويحتمل أن يكون مرجعها إلى حظ العبد فيما يطلبه من السلامة من الآفات والمهالك. وقال النووي معناه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، يعني السالم من النقائص، ويقال: المسلم أولياءه، وقيل: المسلم عليهم. قال ابن الأنباري أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق، لحاجتهم إلى السلامة، وغناه سبحانه وتعالى عنها.

(وإذا قعد أحدكم في الصلاة) المراد القعود بعد الركعتين والقعود الأخير، أو الأخير فقط، على خلاف يأتي في فقه الحديث.

(التحيات لله) التحيات جمع تحية، ومعناها السلام، وقيل: البقاء، وقيل العظمة، وقيل السلامة من الآفات والنقص، وقيل: الملك. قال ابن قتيبة: لم يكن يحيا إلا الملك خاصة، وكان لكل ملك خاصة، وكان لكل ملك تحية تخصه فلهذا جمعت، فكأن المعنى: التحيات التي كانوا يسلمون بها على الملوك كلها مستحقه لله. اهـ.

وقال الخطابي: ولم يكن في تحياتهم شيء يصلح للثناء على الله [كانت تحية بعضهم أبيت اللعن، وتحية بعضهم أنعم صباحا، وتحية العجم عش عشرة آلاف سنة] فلهذا أبهمت ألفاظها، واستعمل منها معنى التعظيم، فقال: قولوا: التحيات لله. أي أنواع التعظيم له.

(والصلوات والطيبات) قيل: المراد بالصلوات الصلوات الخمس، وقيل: ما يشمل الفرائض والنوافل في كل شريعة، وقيل: المراد العبادات كلها، وقيل: الدعوات، وقيل: الرحمة، قال ابن دقيق العيد: إذا حملت الصلاة على العهد أو الجنس كان التقدير أنها لله واجبة، لا يجوز أن يقصد بها غيره، وإذا حملت على الرحمة فيكون معنى قوله "لله" أنه المتفضل بها لأن الرحمة التامة لله، يؤتيها من يشاء، وإذا حملت على الدعاء فظاهر. اهـ.

والطيب في الأصل ما يستلذ، والمراد هنا ما طاب من الكلام وحسن أن يثنى به على الله، دون ما لا يليق بصفاته مما كان الملوك يحيون به، وقيل الطيبات ذكر الله، وقيل: الأقوال الصالحة، كالدعاء والثناء، وقيل الأعمال الصالحة وهو أعم، فيشمل الأقوال والأفعال والأوصاف، وطيب الأوصاف كونها كاملة خالصة من الشوائب. وقال النسفي: التحيات العبادات القولية، والصلوات العبادات الفعلية، والطيبات العبادات المالية. اهـ والأولى التعميم كما سبق.

قال البيضاوي يحتمل أن يكون "الصلوات والطيبات" عطفا على "التحيات" ويحتمل أن تكون "الصلوات" مبتدأ، وخبره محذوف و"الطيبات" معطوفة عليها والواو الأولى لعطف الجملة على

<<  <  ج: ص:  >  >>