إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل: اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبادك الصالحون. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
قال: ويقول: لم يدع نبي ولا صالح بشيء إلا دخل في هذا الدعاء. اهـ.
وقد ورد في صحيح البخاري عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات. اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف، قال الحافظ ابن حجر: الذي يظهر لي أن البخاري أشار [حيث ذكر هذا الحديث تحت باب "الدعاء قبل السلام"] إلى ما ورد في بعض الطرق من تعيينه بهذا المحل، فقد روي بلفظ "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير، فذكر الحديث، فهذا فيه تعيين هذه الاستعاذة بعد الفراغ من التشهد فيكون سابقا على غيره من الأدعية، وما ورد الإذن فيه أن المصلي يخير من الدعاء ما شاء بعد هذه الاستعاذة، وقبل السلام. اهـ.
ومن الأدعية المأثورة ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم "علمني دعاء أدعو به في صلاتي. فقال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم".
٣ - وفي الرواية الرابعة أمر بإقامة الصفوف. قال النووي: وهو مأمور به بإجماع الأمة، وهو أمر ندب، والمراد تسويتها، والاعتدال فيها، وتتميم الأول فالأول منها، والتراص فيها، وسيأتي بسط الكلام فيها بعد تسعة أبواب إن شاء الله.
٤ - استدل الجمهور بروايات الحديث على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ليست واجبة، وخالف في ذلك الشافعي وأحمد وبعض أصحاب مالك، وسيأتي إيضاح المسألة في الباب الآتي إن شاء الله.
٥ - استدل بقوله "ثم ليؤمكم أحدكم" على وجوب صلاة الجماعة، وقد اختلف العلماء في أنه أمر ندب أو أمر إيجاب على أربعة مذاهب حكاها النووي، فقال: الراجح في مذهبنا، وهو نص الشافعي -رحمه الله تعالى- وقول أكثر أصحابنا أنها فرض كفاية، إذا فعله من يحصل به إظهار هذا الشعار سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم، وقالت طائفة من أصحابنا: هي سنة، وقال ابن خزيمة من أصحابنا: فرض عين، لكن ليست بشرط، فمن تركها وصلى منفردا بلا عذر أتم وصحت صلاته، وقال بعض أهل