للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فإنه من وافق قوله قول الملائكة) قيل: معناه الموافقة في الوقت بداية ونهاية، وقيل: معناه الموافقة في الصفة والخشوع والإخلاص، والأول هو الصحيح والصواب، واختلف في هؤلاء الملائكة، فقيل: هم الحفظة، ورد بالرواية الثالثة والرابعة والخامسة، وهي تصرح بأنهم أهل السماء، وأجيب بأنه إذا قالها الحاضرون من الحفظة قالها من فوقهم، وحتى ينتهي إلى أهل السماء قاله النووي: وهذا الجواب في الحقيقة رجوع عن أن المراد بهم الحفظة إلى أن المراد ما يعم الحفظة وغيرهم، وهذا هو الأولى، ومثل ذلك يقال في التأمين.

(إذا أمن الإمام فأمنوا) يقال: أمن يؤمن إذا قال: آمين والمراد إذا قال الإمام: آمين. بعد قراءة الفاتحة فقولوا: آمين. ولما كان ظاهر العبارة يؤدي إلى كون تأمين المأموم يكون عقب تأمين الإمام مع أن الجمهور يقول بموافقتهما قالوا: إن المراد إذا أراد أن يؤمن الإمام فأمنوا ليكون تأمينكم وتأمينه في وقت واحد، ولما كان بعضهم يرى أن الإمام لا يؤمن قال معنى "أمن الإمام" بلغ موضع التأمين، أي وصل في قراءته الفاتحة إلى {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} كما يقال: أحرم وأنجد إذا دخل في الحرم أو بلغ نجدا، أو أن معنى "أمن الإمام" دعا بقوله {اهدنا الصراط المستقيم} والداعي يسمى مؤمنا، كما أن المؤمن يسمى داعيا. وسيأتي البحث مبسوطا في فقه الحديث.

(إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين) وزن آمين ليس من أوزان كلام العرب، وهو مثل هابيل وقابيل، وهو اسم فعل، ويوقف عليه بالسكون فإن وصل بغيره حرك لالتقاء الساكنين، ويفتح طلبا للخفة لأجل البناء كأين وكيف، إذ الكسرة بعد الياء ثقيلة، وأما معناه فقيل: ليكن كذلك، وقيل: اقبل. وقيل: لا تخيب رجاء. وقيل: لا يقدر على هذا غيرك. وقيل: هو اسم من أسماء الله، حذف منه حرف النداء. والأصل: يا آمين استجب دعاءنا، وهو أبعد الأقوال عن القبول.

(فوافقت إحداهما الأخرى) أي فوافقت إحدى المقالتين المقالة الأخرى والمراد مقالة المؤمنين ومقالة الملائكة: آمين.

-[فقه الحديث]-

يتعرض الحديث لمسألتين منفصلتين: التسميع والتحميد، ثم التأمين، وقد قدم الإمام مسلم وكثير من المحدثين أحاديث التسميع والتحميد، على أحاديث التأمين، مع أن التأمين مقدم في الصلاة على التسميع والتحميد، ولعلهم لم يلتزموا ترتيب أفعال الصلاة، فقد قدموا التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه على التسميع والتحميد والتأمين.

وموافقة لترتيبهم نقول:

إن ظاهر الرواية الأولى -ولفظها "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد"-

<<  <  ج: ص:  >  >>