صلى الله عليه وسلم، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا، ومن انتظر الصلاة، إلى غير ذلك من الطاعات، فإن لم توجد صغائر تغفر أثيب بحسنات تقابل ذلك. والله أعلم.
وظاهر الأحاديث الحث على التأمين في الصلاة خاصة، ولكن يمكن أن يقال: إن طلبه في الصلاة وهي محدودة الألفاظ والدعاء يجعل طلبه في غيرها من باب أولى، بل في بعض الروايات عند أحمد ما يفيد العموم، إذ جاء "إذا أمن القارئ فأمنوا" واستحب ابن العربي وغيره التأمين في كل دعاء لما في أبي داود عن أبي زهر النميري، وكان من الصحابة رضي الله عنهم، قال: فإذا دعا أحدنا قال: اختمه بآمين، فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة، قال أبو زهر: ألا أخبركم بذلك؟ "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات مرة، فإذا رجل قد ألح في المسألة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أوجب إن ختمه فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب".
-[ويؤخذ من الأحاديث]-
١ - أن الإمام يؤمن، وقد سبق بيان الخلاف فيه.
٢ - وأنه يجهر بالتأمين، وقد سبق كذلك بيان الخلاف فيه.
٣ - واستدل بعضهم بقوله "إذا أمن الإمام فأمنوا" على تأخير تأمين المأموم عن تأمين الإمام لأنه رتب بالفاء وقد سبق توجيهه.
٤ - وفيه حجة على الإمامية في قولهم: إن التأمين يبطل الصلاة.
٥ - قال الحافظ ابن حجر: وفيه فضيلة الإمام، لأن تأمين الإمام يوافق تأمين الملائكة، ولهذا شرعت للمأموم موافقته. اهـ.
٦ - استدل به القرطبي على تعيين قراءة الفاتحة للإمام، لأن التأمين لا يكون إلا عقبها، وظاهر السياق يقتضي أن قراءة الفاتحة كانت أمرا معلوما عندهم.
٧ - قال القاضي عياض: فيه حجة على أنه لا يقرأ مع الإمام في الجهر لأنه ذكر قراءة الإمام، ولم يذكر قراءة المأموم. اهـ وهو مردود لأن عدم الذكر لا يدل على عدم المشروعية.
٨ - وقال القاضي عياض أيضا: وفيها حجة لمن لا يرى السكتة [وهم المالكية والحنفية] إذ لو كانت من حكم الصلاة لقال: فإذا سكت فاقرءوا كما قال "وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين". وهو مردود بأن عدم القول لا يدل على المشروعية، وقد سبق حكم السكتة قبل أبواب.
٩ - وفيه أن الملائكة تتابع عبادات المؤمنين، وتدعو لهم.
١٠ - واستدل به بعض المعتزلة على أن الملائكة أفضل من الآدميين لأن مجرد موافقتهم في جزئية كانت سببا في غفران الذنوب، وسيأتي البحث في ذلك في باب الملائكة عند الكلام عن بدء الخلق إن شاء الله تعالى.