والخدش قشر الجلد، ورواياتنا "جحش شقه الأيمن" وفي رواية للبخاري "فجحشت ساقه أو كتفه" بالشك من الراوي، وعند الإسماعيلي "انفكت قدمه" ولا تنافي فقد انفكت قدمه، وخدش في ساقه الأيمن، أو كتفه الأيمن أو فيهما، وعبارة "شقه الأيمن" أشمل من ذكر الساق أو الكتف. فكل رواية ذكرت وضعا لا ينافي ما ذكرته الأخرى.
(فدخلنا عليه نعوده) معطوف على محذوف، أي فدخل بيته واحتجب عن الخروج، فدخلنا عليه، وجملة "نعوده" في محل النصب على الحال، وسميت زيارة المريض عيادة لما أن الغالب فيها التكرار. والداخلون -كما يؤخذ من الروايات- كانوا أنسا الراوي وأبا بكر وجابرا وعمر رضي الله عنه عنهم، وهم المقصودون من قول عائشة في الرواية السادسة:"فدخل عليه ناس يعودونه".
(فحضر الصلاة) قال القرطبي: اللام للعهد ظاهرا، والمراد الفرض لأن المعهود من عاداتهم اجتماعهم للفرض بخلاف النافلة، وقال عياض عن ابن القاسم: إن هذه الصلاة كانت نفلا. والتحقيق ما قاله القرطبي.
(فصلينا وراءه قعودا) هذا بيان لما آل إليه الحال، بعد أمره لهم بالجلوس وبذلك تصرح الرواية السادسة، ولفظها "فصلوا بصلاته قياما" فأشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا، وجمع القرطبي بين الحديثين باحتمال أن يكون بعضهم قعد من أول الحال، وهو الذي حكاه أنس في الرواية الأولى، وبعضهم قام حتى أشار إليه بالجلوس، وهو الذي حكته عائشة في الرواية السادسة، وتعقب باستبعاد قعود بعضهم بغير إذنه صلى الله عليه وسلم لأنه يستلزم النسخ بالاجتهاد، لأن فرض القادر في الأصل القيام.
(إنما جعل الإمام ليؤتم به) الائتمام الاقتداء والاتباع، أي جعل الإمام إماما ليقتدي به، ويتبع، ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه ولا يساويه. ولا يتقدم عليه في موقفه، بل يراقب أحواله، ويأتي على أثره بنحو فعله، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال، وسيأتي مزيد إيضاح لهذا في فقه الحديث.
(فإذا كبر فكبروا) قال بعضهم: الفاء في "فكبروا" وفي "فاسجدوا" وفي "فارفعوا" للتعقيب، واستدل بها على أن المقتدي لا يسبق الإمام بالركوع ولا بالسجود، ولا بالرفع، والتحقيق أن الفاء التي للتعقيب هي العاطفة، وأما التي هنا فهي للربط فقط، لأنها وقعت جوابا للشرط. نعم يمكن الاستدلال بتقدم الشرط على الجواب، وقد قال قوم: إن الجزاء يكون مع الشرط، فعلى هذا لا تنتفى المقارنة إلا بدليل آخر، كرواية أبي داود، ولفظها "ولا تركعوا حتى يركع، ولا تسجدوا حتى يسجد".
(وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون) كذا في جميع الطرق في الصحيحين "أجمعون" بالرفع، فهو تأكيد لضمير الفاعل في "صلوا" لكن خلاف المحدثين في رواية أبي هريرة، الرواية الثامنة فقد رواها بعضهم "أجمعين" بالنصب على الحال، أي فصلوا جلوسا مجتمعين.