فصلى الله وسلم عليك يا رسول الله، ورضي عن أصحابك والتابعين، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
-[المباحث العربية]-
(ولو رأيتم ما رأيت)"ما" موصولة، وعائد الصلة محذوف والتقدير: لو رأيتم الذي رأيته.
(لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا)"قليلا" و"كثيرا" صفة لمفعول مطلق محذوف، أي ضحكا قليلا وبكاء كثيرا، أو صفة لظرف محذوف أي زمنا قليلا وزمنا كثيرا. والأول أظهر.
(رأيت الجنة والنار) إن قلنا: الرؤية بصرية، يحتمل أنهما صورتا له صلى الله عليه وسلم فرآهما ومن فيهما من المنعمين والمعذبين في عرض الحائط، كما نرى شاشة "التلفزيون" بتصوير ما سيكون في صورة ما هو كائن، فليس فيه دليل على أن الجنة والنار موجودتان كما استدل به النووي، وإن قلنا: إن الرؤية علمية سقط الاستدلال من أساسه.
(أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام) في رواية البخاري "أو لا يخشى" وفي رواية له أيضا "أما يخشى أو ألا يخشى" بالشك و"أما" بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرف استفتاح، مثل "ألا" وأصلها "ما" النافية دخلت عليها همزة الاستفهام، وهو هنا للتوبيخ، بمعنى لا ينبغي، فكأن المعنى في الأصل لا ينبغي أن لا يخشى، ونفي النفي إثبات فيصبح المعنى ينبغي أن يخشى.
(أن يحول الله رأسه رأس حمار) في الرواية التالية: "أن يحول الله صورته في صورة حمار" وفي رواية بعدها "أن يجعل الله وجهه وجه حمار".
قال الحافظ ابن حجر: الظاهر أنه من تصرف الرواة. قال عياض: هذه الروايات متفقة، لأن الوجه في الرأس ومعظم الصورة فيه. اهـ.
ثم قال الحافظ ابن حجر: لفظ الصورة يطلق على الوجه أيضا، وأما الرأس فرواتها أكثر، وهي أشمل، فهي المعتمدة. وخص وقوع الوعيد عليها لأن بها وقعت الجناية، وهي أشمل.
أما المراد من التحويل فقد قال الكرماني: قيل هذا مجاز عن البلادة، لأن المسخ لا يجوز في هذه الأمة، وقال القاضي أبو بكر بن العربي: ليس التحويل بموجود في هذه الأمة لأن المسخ فيها مأمون، وإنما المراد به معنى الحمار، من قلة البصيرة، وكثرة العناد، فإن من شأن الحمار إذا قيد حرن، وإذا حبس طفر، لا يطيع قائدا، ولا يعين حادسا اهـ قال العيني: القول بأن المسخ في هذه الأمة مأمون فيه نظر، فقد روي أنه يقع في آخر الزمان.
وقال الشيخ تقي الدين: إن الحديث يقتضي تغيير الصورة الظاهرة، ويحتمل أن يرجع إلى أمر معنوي مجازا، فإن الحمار موصوف بالبلادة ويستعار هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فروض