الصلاة ومتابعة الإمام، وربما يرجح هذا المجاز بأن التحويل في الصورة الظاهرة لم يقع مع كثرة رفع المأمومين قبل الإمام.
والتحقيق ما قاله بعضهم من أنه يصح أن يكون التهديد بتحويل الصورة وتغييرها على سبيل الحقيقة ولا يلزم من التهديد بالشيء وقوعه، وكل ما يدل عليه الحديث أن فاعله يكون متعرضا لذلك، وهذا أنسب من المجاز، لأن التهديد بالبلادة لا يتناسب مع هذا الفعل، لأن فاعله بليد فعلا، فلا يهدد بالبلادة، ثم إن ألفاظ الحديث [أن يحول الله رأسه -أن يجعل الله وجهه] ظاهرة في الحقيقة بعيدة عن المجاز، والله أعلم.
-[فقه الحديث]-
قال الحافظ ابن حجر: ظاهر الحديث [وهو يتكلم عن الروايتين الثانية والثالثة] يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام، لكونه توعد عليه بالمسخ، وهو أشد العقوبات، وبذلك جزم النووي في شرح المهذب. ومع القول بالتحريم فالجمهور على أن فاعله يأثم وتجزئ صلاته، وعن ابن عمر تبطل، وبه قال أحمد في رواية، وبه قال أهل الظاهر، بناء على أن النهي يقتضي الفساد، وفي المغنى عن أحمد أنه قال في رسالته: ليس لمن سبق الإمام صلاة لهذا الحديث، قال: ولو كانت له صلاة لرجي له الثواب ولم يخش عليه العقاب. اهـ.
وقال القرطبي: من خالف الإمام فقد خالف سنة المأموم. اهـ وظاهر عبارته عدم الحرمة وثبوت الكراهة لكن الجمهور على الحرمة.
وقد فصل الإمام النووي هذه المسألة في شرح المهذب تفصيلا جديرا بالاعتبار، فقال:
قال أصحابنا: يجب على المأموم متابعة الإمام، ويحرم عليه أن يتقدمه بشيء من الأفعال، والمتابعة أن يجري على إثر الإمام، بحيث يكون ابتداؤه لكل فعل متأخرا عن ابتداء الإمام، ومقدما على فراغه منه فلو خالفه في المتابعة فله أحوال:
١ - إن قارنه في تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته باتفاق أصحابنا، وبه قال مالك وأبو يوسف وأحمد وداود، وقال الثوري وأبو حنيفة وزفر ومحمد: تنعقد كما لو قارنه في الركوع.
٢ - إن قارنه في السلام فوجهان، قيل: تبطل، والصحيح الكراهة وعدم البطلان.
٣ - إن قارنه فيما سوى تكبيرة الإحرام والسلام لم تبطل صلاته باتفاق ولكن يكره، قال الرافعي: وتفوت به فضيلة الجماعة.
٤ - أن يتقدم على الإمام بركوع أو غيره من الأفعال، فإن لم يسبق بركن كامل [كأن ركع قبل الإمام فلم يرفع رأسه حتى ركع الإمام أو رفع رأسه قبل الإمام فلم يهو حتى رفع الإمام رأسه] لم تبطل صلاته لأنها مخالفة يسيرة، ولكن هل يعود فورا إلى حال الإمام أو ينتظر؟ قيل: يستحب له