للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر بن الخطاب مد في صلاة الفجر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال "سمع الله لمن حمده" قام. حتى نقول: قد أوهم. ثم يسجد. ويقعد بين السجدتين. حتى نقول: قد أوهم.

-[المعنى العام]-

لم يهتم المسلمون برصد ركن من أركان الإسلام اهتمامهم برصد حركات الصلاة وسكناتها وقراءتها وذكرها، وكيف لا وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ وكيف لا وهي عماد الدين؟ وكيف لا وهي الفارق بين المسلم والكافر؟

لقد كان الصحابة يرمقون صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقلدونها ويقتدون بها وكان التابعون يرصدون صلاة الصحابة ويحاكونها، ومن كان يرى خلافا لما علم سأل من هو أعلم منه به، ومن رأى منهم خللا نبه عليه، وهكذا صانوها وحفظوها ونقلوها إلينا خلفا عن سلف مع كمال العناية، وبالغ الاهتمام.

وهذه الأحاديث تحكي صورة حية ناطقة بتبليغ الرسالة وحفظ الأمانة ونصح الأمة.

فهذا البراء بن عازب يروي أنه رصد ورمق صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رمق كم من الوقت كان وقوفه؟ وكم كان ركوعه؟ كم كان رفعه من الركوع؟ وكم من الوقت قضى في سجوده؟ وكم قضى في جلوسه بين السجدتين؟ ويحكى أن الزمن الذي استغرق في كل كان متقاربا.

وهذا أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود التابعي يؤم الناس، فيطمئن بعد الرفع من الركوع ويقرأ الذكر الجميل الطويل في وقوفه كرسم لمقدار الطمأنينة المطلوبة، ويحكي الحكم التابعي للتابعي الجليل عبد الرحمن بن أبي ليلى ما رآه من تطويل أبي عبيدة فيحسب ابن أبي ليلى مقدار هذا التطويل على بقية أركان الصلاة.

ويرى أنس بن مالك الصحابي الجليل، يرى الناس، وقد أخلوا بالطمأنينة في الصلاة، وأخذوا ينقرون الصلاة نقرا، فقال لهم: ألا أنبئكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ تعالوا أريكم إني والله لا آلو جهدا أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، وصلى بهم صلاة يطمئن فيها في الركوع وفي الرفع منه وفي السجود وفي الرفع منه اطمئنانا لا يطمئن القوم مثله، وحين يلمس التعجب في وجوه القوم يقول لهم: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما، وظل قائما حتى يقول الناس إنه نسي الهوي للسجود، وإذا رفع رأسه من السجود جلس واستمر جالسا بين السجدتين حتى يقول الناس إنه نسي الهوي للسجدة الثانية.

وقد سار أبو بكر على نهجه صلى الله عليه وسلم، وصار عمر على نهجه بل وزاد في طمأنينة صلاة الفجر عما كان عليه العهد في صلاة أبي بكر، فرضي الله عمن اتبع هداك يا رسول الله، وصلى الله وسلم وبارك عليك وعلى أصحابك أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>